______________________________________________________
وبعض من تأخر عنه ، حيث أهملوا ذكر ذلك في تعريف العدالة. كمنع منافاتها للسير والكف ، فان منصرفهما خصوص العيوب الشرعية لا غير ، نظير ما ورد : من كونه ( خيراً ) ، أو ( صالحاً ) أو نحوهما (١) لا أقل من لزوم حمله على ذلك ، بقرينة بعض النصوص الظاهرة في حصر القادح في العدالة بارتكاب الذنوب والمعاصي مثل : « فمن لم تره بعينك يرتكب ذنباً ، ولم يشهد عليه بذلك شاهدان ، فهو من أهل العدالة والستر ، وشهادته مقبولة ، وان كان في نفسه مذنباً » (٢) وقريب منه غيره. وأشكل من ذلك : الاستدلال عليه : بمنافاتها لستر عيوبه المذكور في قوله (ع) : « والدليل على .. » إذ فيه ـ مضافا الى ما عرفت : من انصراف العيوب إلى الشرعية ـ : أنه لو تمَّ ذلك اقتضى اعتبارها في الطريق إلى العدالة لا فيها نفسها.
ومنه يظهر : أن تقييدها ـ في المتن ـ بالدلالة على عدم .. إنما يناسب اعتبارها في الطريق لا غير ، فكان يكفي عن ذكرها ـ حينئذ ـ تقييد حسن الظاهر بالكاشف ظناً .. إلا أن يريد أنها دالة نوعا وإن علم بخلافها فيكون عدمها معتبراً في العدالة ـ نفسها ـ تعبداً ، كما يقتضيه ظاهر العبارة لكنه غير ظاهر الوجه ، إذ الأدلة المتقدمة ـ لو تمت ـ لا تصلح لإثباته. وأما قولهم (ع) : « لا دين لمن لا مروة له » (٣) فمع أن الظاهر من المروة فيه غير ما نحن فيه ـ ظاهر في وجوب المروة ، ودخلها في العدالة حينئذ مما لا إشكال فيه. كما أن بعض الأمثلة التي تذكر لمنافاة المروة غير ظاهرة ، لإمكان القول بتحريمه ببعض العناوين الثانوية : من الهتك ، والإذلال ونحوهما
__________________
(١) راجع الوسائل باب : ٤١ من أبواب أحكام الشهادات.
(٢) الوسائل باب : ٤١ من أبواب أحكام الشهادات حديث : ١٣.
(٣) الكافي ج : ١ صفحة : ١٩ الطبعة الحديثة.