واستشهد بقول ساعدة :
* حتى شآها كليل موهنا عمل |
|
باتت طرابا وبات الليل لم ينم (١) |
فنصب موهنا بكليل.
قال النحويون : هذا غلط من سيبويه ؛ وذلك أن الكليل هو البرق الضعيف وفعله لا يتعدى. والموهن : الساعة من الليل ، فهو ينتصب على الظرف.
وإنما يصف حمارا وأتنا شآها ، أي : ساقها هذا البرق الضعيف في هذه الساعة من الليل ، حتى نفاها من الموضع الذي كانت فيه إلى الموضع الذي كان منه البرق. «وعمل» نعت «لكليل» وأراد أنه كان يبدو مرة بعد مرة ، فبذلك البدو عمل ، وباتت الأتن طرابا قد استخفها الشوق ، وبات الحمار لم ينم من الشوق أيضا والنزاع إلى موضع البرق.
وقد خرّج سيبويه أن «كليلا» في معنى مكل ، فيصير كأنه أراد موهنا بدوامه عليه مما يقال : أتعبت يومك ، ونحو ذلك من المجاز والاتساع.
وأجاز الجرمي تعدي فعل ، وقال : لأنه جاء على وزن الفعل فأشبه أن يكون جاريا مجراه وليس بكثير.
قوله : " ويقال إنه لمنحار بوائكها"
يعني سمانها وأفتاها ، الواحد بائك. ومنحار : مفعال من النحر
وأنشد في تعدي جمع مفعال للكميت ، وليس بحجة عند الأصمعي.
* شم مهاوين أبدان الجزور مخا |
|
ميص العشيات لا خور ولا قزوم (٢) |
فعدى مهاوين ، وهو جمع مهوان ، ومعناه أنه يهين اللحم إذا نحر الجزور والخور : الضعاف. والقزم : الحقر. أو هو من الشاة القزمة وهي الحقيرة.
قوله : " لأن هذا لا يقلب ولا يضمر"
يعني الصفة المشبهة باسم الفاعل ، أي : لا يقدم مفعولها عليها كما يقدم على ضارب ، فهذا معنى قوله : " لا يقلب"
وإذا قلت : هذا حسن الوجه والعين ، ولم يصلح أن تنصب العين بإضمار" وحسن العين" ، فهذا معنى قوله : " ولا يضمر"
قال : " ومما أجري مجرى الفاعل من المصدر قول الشاعر"
* يمرون بالدهنا خفافا عيابهم |
|
على حين ألهى الناس جل أمورهم |
__________________
(١) ديوان الهذليين ١ / ١٩٨ ، شرح الأعلم ١ / ٥٨ ، المقتضب ٢ / ١١٤ ، شرح النحاس ٩٠.
(٢) شرح الأعلم ١ / ٥٩ ، شرح ابن السيرافي ١ / ٢١٥ ، شرح المفصل ٦ / ٧٤.