من فزارة ، وهجاهم بكثرة شعورهم ـ وانتسب إلى قريش ـ في قصيدة له طويلة.
وأنشد :
* لا يبعدن قومي الذين هم |
|
سم العداة وآفة الجزر |
النازلين بكل معترك |
|
والطيبون معاقد الأزر (١) |
فنصب معاقد لثبات النون في «الطيبون».
قولنا : سم العداة ، أي : هم حتف من عاداهم. وآفة الجزر ، أي ينحرونها للأضياف ، والنازلين بكل معترك ، أي ينزلون بمواضع القتال ويغشون الحروب ، والطيبون معاقد الأزر ، أي هم أعفاء ، يقال : فلان طيب معقد الأزر وهو كناية عن العفة.
قال سيبويه «وتقول فيما لا يقع إلا منونا عاملا في نكرة» إلى قوله «هو خير منك أبا وأحسن منك وجها».
إن قال قائل : لم لم يقع خير منك وأفضل منك وبابهما مضافا؟ ففي ذلك جوابان :
ـ أحدهما أن هذا الباب وضع التفضيل ، فإذا قلت : زيد أفضل من عمرو فقد زعمت أن فضل زيد ابتداء من فضل عمرو راقيا صاعدا إلى فوق باب الفضل ، فدللت بهذا على أنه أفضل من كل أحد مقدار فضله كفضل عمرو ، فكأنك قلت علا فضله عن هذا التقدير ، فتبين المخاطب أنه قد علا عن هذا الابتداء ولم يعلم موضع الانتهاء.
فلما كان معنى الباب الدلالة على ابتداء التفضيل على مقدار الفضل عليه ، وعلى كل من كان في محله ومنزلته ـ لم يكن بد من ظاهرة أو مضمرة فلما كانت كذلك : نون ولم تصلح إضافته إلى المفضل عليه لدخول من فاصلة بينهما لفظا أو تقديرا.
ـ والعلة الثانية أنك إذا قلت زيد أفضل منك «فأفضل» بمنزلة الفعل ، كأنك قلت فضله يزيد على فضلك ، ولذلك لم يثن ولم يجمع لتضمنه المصدر وزيادته ، فكان بمنزلة الفعل الذي يتضمن المصدر والزمان ولم يجز تعريف «أفعل» إذا نصب ما بعده ؛ لأنه منع التثنية والجمع لحلوله محل الفعل كما يمنع الفعل فلم يعرف كما لا يعرف الفعل ، ولم يعمل «أفعل» إلا في النكرة ؛ لأن المنتصب بعده دال على نوع كما دل مفسر العشرين وما جرى مجراه ، فنكر كما ينكر مفسر العشرين ؛ لأنه لا يدل على شيء بعينه.
فقوله : «وهكذا مبدوء به في أنه يثبت التنوين»
يعني أنك إذا قلت : هو أفضل أبا منك «فمنك» مبدوء به في المعنى قبل التفسير ، وهو الذي جلب التنوين ومن أجله دخل الكلام وإن كان مؤخرا في اللفظ ، فمن حيث جاز أن تقدم المفعول على الفاعل كذلك يجوز تقدير التفسير على «منك» كأن كل واحد منهما لا
__________________
(١) ديوان خرنق ١٠ ، شرح الأعلم ١ / ١٠٤ ، شرح النحاس ١٨٠ ، شرح السيرافي ٢ / ٨٤١.