* فقصرن الشتاء بعد عليه |
|
وهو للذود أن يقسمن جار (١) |
يصف نوقا قصرت ألبانها على فرس ، وذلك الفرس جار للنوق من أن يغار عليهن فيقسمن ، ويجوز أن يكون الشتاء جوابا لكم ، فيكون قصر ألبانهن في أيام الشتاء كلها ، ويجوز أن يكون في بعض الأيام على جواب متى.
قال «وتقول سير عليه يوم على حد قولك يومان».
يعني على أن تجعله جوابا لكم لأن اليوم مبهم ، واعلم أن غدوة وبكرة تجريان مجرى هذه الظروف في الرفع والنصب وإن كانتا غير منصرفتين.
والذي منعهما من الصرف أنه كان الأصل في غدوة : غداة منكورة ، ثم غيروا لفظ النكرة ليجعلوها علما فصارت غدوة معرفة علامة التأنيث فامتنعت من الصرف لذلك.
وبكرة محمولة عليها ؛ لأنها على لفظها ومعناها ، غير أنها لم تغير عن نكرة كانت لها لتعرف.
هذا باب ما يكون فيه المصدر حينا لسعة الكلام والاختصار
قوله في هذا الباب «إذا كان غد فأتني ... ومن العرب من يقول : إذا كان غدا فالقني».
أما الرفع فعلى أن في كان معنى وقع وحدث.
وأما النصب فعلى إضمار وحذف ، والمعنى إذا لم يحدث لك مانع.
ـ أو حال تعذر في التخلف لحدوثها ـ فالقني ـ وذلك أن مواعيد الناس إنما تقع على بقاء الأحوال التي هم عليها ، فإن تغيرت تلك الأحوال لم ينسب صاحب الوعد إلى جملة المخلفين الكاذبين ؛ لأن وعده كان متعلقا بسلامة الأحوال وإن لم يكن ملفوظا به ، فكأنه قال إذا كان ما نحن عليه من السلامة ، أو من الحال التي نحن عليها غدا فالقني. قال سيبويه «وحذفوا كما قالوا حينئذ الآن».
يريد : حذفوا المرفوع بكان في قولهم : إذا كان غدا فأتني ، كما حذفوا في حينئذ الآن.
وتقديره : كان هذا حينئذ واسمع إلي الآن ، كأن رجلا سمع آخر يذكر شيئا قد مضى لا يهم ولا يعني ، فأراد أن يصرفه عن ذلك ويخاطبه عما يعنيه.
قال : «فإن قلت : إذا كان الليل فأتني لم يجز ذلك».
يعني أن الليل اسم الليالي التي تكون أبدا فلا يتعلق الوعد بها ؛ لأنها غير منقضية ولا موجودة في وقت واحد ، فسبيلها سبيل الدهر ، وأجازها على وجه آخر وذلك أن يكون مع رجل في شيء ، فقال : إذا كان الليل فأتنا ، فعلمت بالحال التي أنتما فيها أنه يعني ليل ليلته التي تجيء.
__________________
(١) شرح الأعلم ١ / ١١١ ، شرح النحاس ١١٤ ، الخصائص ٢ / ٢٦٥.