وقوله : فلا عيا بهن أي لا أعيا بهن عيّا. وقوله ولا اجتلابا أي لا اجتلبهن مع شعر غيري اجتلابا ، أي لا أسرقهن.
وأنشد :
* تداركن حيّا من نمير بن عامر |
|
أسارى تسام الذل قتلا ومحربا (١) |
ويجوز أن يكون حربا في معنى غيظا.
قال سيبويه في شيء قدم ذكره : «وهو بمنزلة قولك : ذهب به السوق».
إن قال قائل : لم أسقط حرف الجر من السوق وليس بظرف ، وقد زعم سيبويه أن قولهم ذهبت الشام شاذ؟
فالجواب أن هذا وإن لم يكن ظرفا ، فإن العرب تتسع فيه لعلم المخاطب فتضمر ، فيكون التقدير ذهب به مكان السوق ، ويحذف المضاف ويقام المضاف إليه مقامه.
وأنشد لحمير بن ثور :
* وما هي إلا في إزار وعلقة |
|
مغار ابن همام على حي خثعما (٢) |
والشاهد فيه مغار بن همام.
وزعم الزجاج أن سيبويه أخطأ في ذكر هذا البيت في هذا الموضع ، وذلك أنه قدر «مغار» زمانا والزمان لا يتعدى.
وإنما «مغار» مصدر ، قال : والدليل على ذلك أنه قد عداه وإنما تقديره : زمان إغارة ابن همام على حي خثعم.
وهكذا قال أبو العباس.
وقد غلطا في الرد عليه ؛ لأن المصادر التي جعلها سيبويه ظروفا إنما هي مضاف إليها الزمان ، ويحذف الزمان فتكون نائبة عنه ، فمغار بتلك المنزلة.
ومعنى البيت أنه وصف امرأة وذكر أنها في إزار وعلقة ، وهي البقيرة وهي قميص بلا كمين. يريد أنها كانت في وقت إغارة ابن همام في هذا الزي ، فإما أن تكون صغيرة ، أو بمعنى آخر.
ويقال أن ابن همام كان لا يغير إلا وهو عريان وهو الذي ينساق على تأويل الزجاج ، كأنه شبه عريها بعري ابن همام.
__________________
(١) ديوان ابن أحمر ٤٠ ، شرح الأعلم ١ / ١١٩ ، شرح النحاس ١١٢ ، شرح السيرافي ٢ / ٩٧٧.
(٢) شرح الأعلم ١ / ١٢٠ ، الكامل ١ / ٢٠١ ، المقتضب (٢ / ١٢٠ ، ٤ / ٣٤٣).