مدلول عليه فقال :
«والأفعال أدلة وليست بمدلول عليها ، فلا يضاف إليها ؛ لأن الإضافة إلى المدلول عليه لا إلى الدليل».
فإن قال قائل : ما معنى قول سيبويه : «لأن المجرور داخل في المضاف إليه» ، وإلى ما عادت الهاء في «إليه»؟
فالجواب في ذلك : أن قوله : «لأن المجرور» يريد : المضاف إليه وهو الثاني.
«داخل في المضاف إليه» : يعني : «داخلا» في الأول ، الذي قد أضيف إلى المجرور. والهاء تعود إلى المجرور ، فكأنه قال : لأن الثاني المجرور داخل في الأول المضاف إلى الثاني.
قوله : «وأما الفتح والضم والكسر والوقف» إلى قوله : «ليس غير».
إن قال قائل : ما معنى قوله : «ليس غير»؟ وما موضع «غير»؟.
قيل له : «ليس» دخلت ههنا للاستثناء ، واسم «ليس» مضمر في النية وموضع «غير» منصوب بخبر «ليس» كأنك قلت : ليس شيء غير ذلك ، فلما حذف المضاف إليه بنى على الضم.
قوله : «وللحروف التي ليست بأسماء ولا أفعال» إلى قوله : «حيث وأين وكيف».
اعلم أن الأسماء المبنية كلها لا يخرج بناؤها من أن يكون : لمضارعة الحروف ، أو للتعلق بها ، أو لوقوع المبني موقع فعل مبني ، أو لخروجه عما عليه نظائره.
والمبنيات كثيرة ، ونفسر منها ما وقع في هذا الباب من الأسماء خاصة ، فمنها «حيث».
اعلم أن فيها أربع لغات ، يقال فيها ، حيث وحيث وحوث وحوث ، وهي مبنية في جميع وجوهها لعلتين :
ـ إحداهما : أنها تقع على الجهات الست ، وعلى كل مكان وكل هذه الجهات تقع مضافة إلى ما بعدها ، فأبهمت حيث وقعت عليها كلها. فشبهوها لإبهامها في الأمكنة ب «إذ» المبهمة في الزمان الماضي كله. فلما كانت «إذ» موضحة بالجمل ، أوضحت «حيث» بها ، ومنعت الإضافة ، فصارت بمنزلة «قبل» و «بعد» إذ حذف المضافان إليهما فبنيت كما بنيتا.
ـ والعلة الثانية : أن «حيث» لما خالفت أخواتها حين أضيفت إلى الجمل ، بنيت لمخالفتها أخواتها ، ودخولها في غير بابها ، واستحقت أن تبنى على السكون فتجنبوا اجتماع الساكنين ، فكان يجب أن يكسر آخرها على حكم التقاء الساكنين ، فتجنبوا الكسرة استثقالا لها مع الياء.
فإن قلت : فقد قالوا : «جير» و «ويب» فكسروا.
فإنما ذلك : لقلة استعمالها وكثرة استعمال «حيث» ، والعرب تخص الكثير الاستعمال