فنصب الفعل لأنه جعل ما قبله سببا له والمعنى : وما قام منا قائم إلا ناطقا بالمقالة التي هي معروفة بالصواب لا ينكرها أحد ولا يردها.
وأنشد ـ للعين ـ في مثل هذا :
* وما حل سعديّ غريبا ببلدة |
|
فينسب إلا الزبرقان له أب (١) |
يريد أن الزبرقان : سيد قومه المشهور فيهم وهو من بني سعد ، فإذا تعرف رجل من قومه فيسأل عن نسبه انتسب إلى الزبرقان كما ينتسب الرجل إلى أبيه.
وأنشد للفرزدق :
* فما أنت من قيس فتنبح دونها |
|
ولا من تميم في اللها والغلاصم (٢) |
فنصب تنبح ولو رفعه على القطع لجاز أي : فأنت تنبح على كل حال. والمعنى : فما أنت من قيس فتهاجي عنها ولا تذب عن أعراضها ولا أنت من تميم في موضع الشرف منها وضرب اللها والغلاصم مثلا للشرف لأنها في الرأس ، والرأس أشرف ما في الإنسان وأرفعه ، وكثيرا ما يضربون به المثل لهذا المعنى.
وأنشد لأمية بن أبي الصلت :
* ألا رسول لنا منا فيخبرنا |
|
ما بعد غايتنا من رأس مجرانا (٣) |
فنصب" يخبرنا" على الجواب ، ولو قطعه لجاز.
وأنشد أيضا :
* ألم تسأل فتخبرك الرسوم |
|
على فرتاج والطلل القديم؟ (٤) |
فنصب على الجواب. وفرتاج : اسم موضع.
وأنشد لأبي النجم :
* يا ناق سيري عنقا فسيحا |
|
إلى سليمان فنستريحا (٥) |
نصب" نستريح" على جواب الأمر بالفاء. والعنق : سير سريع والفسيح : المكان الواسع.
__________________
(١) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٤٢٠.
(٢) ديوانه ٢ / ٨٥٦ ، الكتاب ١ / ٤٢٠.
(٣) ديوانه ٦٢ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٤٢٠ ، شرح النحاس ٢٧٥ ، شرح السيرافي ٤ / ٣٤ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ١٦٦ ، الرد على النحاة ١٢٥ ، المقاصد النحوية ٤ / ٤١٢.
(٤) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٤٢١ ، شرح النحاس ٢٧٥ ، شرح السيرافي ٤ / ٣٤٧ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ١٥٣ ، الرد على النحاة ١٢٥.
(٥) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٤٢١ ، معاني القرآن ٢ / ٧٩ ، المقتضب ٢ / ١٣ ، شرح السيرافي ٤ / ٣٤٨ ، المقتصد ٢ / ١٠٦٩ ، الرد على النحاة ١٢٣ ، شرح المفصل ٧ / ٢٦ ، أوضح المسالك ٣ / ١٧٦.