وإنما حكمه أن يقول : الجبال الشوامخ.
ومعنى تواضعت : تهدمت.
وقال بعضهم : الجبال مرتفعة بتواضعت ، والخشع نعت لها ، فكأنه قال : تواضعت الجبال الخشع لموته ، أي : التي خشعت لموته.
وأنشد لذي الرمة :
* مشين كما اهتزت رماح تسفهت |
|
أعاليها مر الرياح النواسم (١) |
فأنث فعل المر ؛ لأنه لو قال : تسفهت أعاليها الرياح لجاز.
ومعنى تسفهت : استخفت. والنواسم : التي تهب هبوبا ضعيفا.
قال سيبويه : «ومثله يا طلحة أقبل» إلى قوله : «يا تيم تيم عديّ».
اعلم أن الاسم الذي في آخره هاء التأنيث ينادى بأربعة ألفاظ :
ـ بالضم من الهاء ، كقولك : يا طلحة.
ـ وبحذف الهاء وفتح الحاء كقولك يا طلح ، وبهذا أكثر ما ينادى.
ـ ويا طلح بالضم.
ـ ويا طلحة بفتح الهاء.
ونفسر هذا الوجه الرابع من أجل أنه مفتوح ، ولم يلحقه ترخيم في اللفظ. وإنما جاز لأن كثيرا ما تنادي العرب هذا الاسم بحذف الهاء وفتح الحاء.
فإذا أدخلوا الهاء فتحوها على حسب ما تكون الحاء مفتوحة اتباعا لها ، فكان فتحهم آخر المنادي كفتحهم يا طلح ، وجعل هذا شاهدا لقولهم : اجتمعت أهل اليمامة ، ولم يحفل بدخول أهل كما لم يحفل بدخول الهاء.
ومعنى قوله في هذا الفصل : «فتركوا الحاء مفتوحة على حالها».
يريد في قولك : يا طلحة والخاء لا يمكن فيها إلا أن تكون مفتوحة إذا جئت بالهاء وأقحمتها عليها وهو يريد الترخيم ، وفتح الهاء.
فلما أقحم توكيدا للتأنيث الموجود في قولك : يا طلح بصيغة الاسم مفتوحا ترك تلك الفتحة في الحاء على حالها قبل لحاق الهاء ، ولو لم يتركها على حالها لضمها ، ثم نقل حركتها إلى الهاء بعدها ، فقال يا طلحة ؛ لأن هاء التأنيث لا تكون إلا بعد حرف متحرك بالفتح أو بعد الحرف من الفتحة نحو : سعلاة وقطاة وما أشبهه فاعلمه.
__________________
(١) شرح الأعلم ٨٠ ، شرح السيرافي ٢ / ٣٣٦ ، الخصائص ٢ / ٤١ ، الخزانة ٤ / ٢٢٥.