فأولها الكاف التي بين الجيم والكاف ، وهي في لغة لأهل اليمن ، يقولون في جمل : كمل ، وفي رجل : ركل ، فهي عند أهل المعرفة معيبة مرذولة.
والجيم التي كالكاف ، وهي كذلك ، وهما جميعا شيء واحد ، إلا أن أصل أحدهما : الجيم ، وأصل الآخر : الكاف ثم يقلبونه إلى هذا الحرف الذي بينهما.
والجيم كالشين ، ويكثر ذلك في الجيم إذا سكنت وبعدها دال أو تاء نحو : اجتمعوا والأجدر ، يقولون فيه : " اشتمعوا" ، و" الأشدر" فيقلبون الجيم من الشين لأنها من مخرج واحد ، والشين أسلس وألين وأفشى.
فإذا كانت الجيم مع بعض الحروف المفارقة لها ، ولا سيما إذا كانت ساكنة ، صعب إخراجها لشدة الجيم ، ومال الطبع بالنطق إلى الأسهل.
وذكر الجيم التي كالشين في غير المستحسنة ، والفرق بينهما أن الشين التي كالجيم في نحو : الأشدق ، إنما قربت فيه الشين من الجيم بسبب الدال لما بين الجيم والدال من الموافقة في الشدة والجهر ، كراهية لجمع الشين والدال لما بينهما من التباين. وإذا كانت الجيم قبل الدال في الأجدر ، وقبل التاء في اجتمعوا ، فليس بين الجيم وبين الدال والتاء من التنافر والتباعد ما بين الشين والدال فلذلك حسن الشين التي كالجيم ، وضعف الجيم التي كالشين.
وأما الطاء التي كالتاء فإنها تسمع من عجم أهل المشرق كثيرا لأن الطاء في أصل لغتهم معدومة ، فإذا احتاجوا إلى النطق بشيء فيه طاء تكلفوا ما ليس في لغتهم فضعف نطقهم بها.
والضاد الضعيفة من لغة قوم ليس في أصل حروفهم ضاد ، فإذا احتاجوا إلى التكلم بها من العربية اعتاصت عليهم ، فربما أخرجوها طاء ، وذلك أنّهم يخرجونها من طرف اللسان وأطراف الثنايا.
وربما تكلفوا إخراجها من مخرج الضاد. فلم يتأتّ لهم فخرجت بين الصاد والضاد ووقع في كتاب مبرمان في الحاشية : الضاد الضعيفة ، يقولون في إثرد : إضرد ، يقربون الثاء من الضاد حكاه أبو سعيد.
والصّاد التي كالسين في ما ذكروا : كأنها كانت في الأصل فقربها بعض من تكلم بها من السين ، لأن السين والصاد من مخرج واحد.
والطاء التي كالتاء مثل الطاء التي كالياء.
والباء التي كالفاء هي كثيرة في كلام الفرس وغيرهم من العجم على لفظتين :
أحدهما : لفظ الباء أغلب عليه من الفاء.
والآخر : لفظ الفاء أغلب عليه.
وقد جعلا حرفين من حروفهم سوى الباء والفاء المخلصتين.