وقد تقدم تحقيق مخارجهن ، فلما كانت اللام تدغم في الضاد أدغمت هذه الحروف فيها.
وذكر إدغام الثاء في التاء بقولهم : متّرد في مثترد. ومثرد ـ وهو مفتعل ـ من الثرد ، وفيه ثلاث لغات :
ـ مثترد : وهو الأصل.
ـ ومتّرد : على إدغام الثاء في التاء وهو القياس والأولى لأن الأول يدغم في الثاني.
ـ ومثرد : تقلب الثاني إلى جنس الأول بإدغام أحدهما في الآخر.
ـ وقد ذكر سيبويه نحو هذا في الحاء والعين ، إذا كانت الحاء أولا والعين ثانيا ، واختير الإدغام وقلبت العين حاء ، وأدغمت الحاء في الحاء.
ـ وذكر سيبويه بدل الطاء من التاء في : مصطبر ونحوه وأصله : مصتبر. فقلبت التاء طاء ، طلب الاستواء في الحروف ؛ لأن الطاء مستعلية مطبقة ، والتاء مستقبلة لا إطباق فيها ، فجعلوا مكانها الطاء ؛ لأنها من مخرج التاء وموافقة للصاد في الإطباق والاستعلاء ، فصار مصطبر.
ولك فيه وجهان :
ـ مصطبر بالبيان لاختلاف الحرفين.
ـ وقال بعضهم : مصّبر فقلب الطاء صادا ، ثم أدغم الصاد في الصاد ، ولا يجوز إدغام الصاد في الطاء فيقال : مصبر ؛ لأن للصاد فضيلة بالصفير ، فلو أدغمت لذهب الصفير.
قال : " ومن قال مصّبر ، قال : مزّان".
يريد : مزدان ، والأصل فيه : مزتان ؛ لأنه مفتعل من الزّين ، فقلبت التاء دالا لأنها من مخرج التاء ، وهي مجهورة كالزاي فأرادوا الاستواء باجتماع المجهورين ، فصار مزدان ، فإن أظهرت ، فالبيان حسن لاختلاف الحرفين وإن أدغمت قلبت الدال زايا ، ثم أدغمت الزاي في الزاي فقلت :
مزّان ، كما تقول في مصطبر : مصّبر.
وأجاز سيبويه في مظطلم : مظلم على قلب الطاء ظاء كما قالوا : مصبر ، وأصله مصطبر على قلب الثاني من جنس الأول.
قال : " أقيسها مطلم"
واحتج لذلك بأن أصل الإدغام أن يتبع الأول الآخر في نحو : ذهب به ، وبيّن ذلك.
ولو كان الثاني ساكنا لم يدغم فيه الأول نحو : ذهب بن زيد ؛ لأن باء ابن ساكنة. فلما كان الثاني ـ إن كان متحركا أدغم فيه ، وإن كان ساكنا لم يدغم فيه ـ دل على أن الثاني يتبعه