الأول. ومع ذلك : يجوز قلب الأول للثاني كما قيل مترد ، ومصبر.
ومعنى قوله بعد شيء قدمه" ولن يدغموها لأنهم لم يريدوا إلا أن يبقى الإطباق إذا كان يذهب بالانفصال".
يريد : لم يدغموا الطاء في التاء في نحو قولك : اطعنوا والأصل : اطتعنوا.
وقوله : لأنهم لم يريدوا إلا أن يبقى الإطباق أراد أن لا يبقى الإطباق فحذف لا كما قال الله عز وجل : (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا) [النساء : ١٧٦] ، أي : لا تضلوا ، ولو أدغم الطاء في التاء لذهب الإطباق.
وقوله : إذا كان يذهب في الانفصال.
معناه : أنّهم لم يريدوا أن لا يبقى الإطباق بحسب ما يذهب الإطباق في المنفصل إذا التقى الطاء والتاء في كلمتين.
وجاز فيهما إدغام الطاء في التاء وذهاب الإطباق ، وفي كلمة واحدة لا يجوز ، لقوة الإدغام في كلمة واحدة وفضل الإطباق.
وقوله : " فكرهوا أن يلزموه الإدغام في التاء في كلمة واحدة لذهاب الإطباق" ، فقالوا : اطّعنوا ، ولم يقولوا : اتعنوا ، والأصل : اطتعنوا.
وقوله : " وقد شبه بعض العرب ممن ترضى عربيته هذه الحروف الأربعة : الصاد والضاد والطاء والظاء في فعلت بهن في افتعل إلى قوله : " وخبطّه يريد : خبطته ، وحفطّه ، يريد : حفظته.
يعني : أن من العرب من قلب تاء المتكلم والمخاطب طاء إذا كان قبلها هذه الحروف الأربعة كما فعل بتاء الافتعال لأن التاء لما اتصلت بما قبلها وسكن لها ما قبلها ، صارت ككلمة واحدة ، وأشبهت تاء افتعل.
وأنشد لعلقمة بن عبدة مستشهدا لهذه اللغة :
* وفي كلّ حي قد خبطّ بنعمة |
|
فحقّ لشأس من نذاك ذنوب (١) |
أراد : " خبطت" ، فقلب التاء طاء ثم أدغم فيها الطاء الأولى.
وشأس : أخو علقمة بن عبدة ، وكان بعض الملوك قد أسره ، فسار إليه علقمة ومدحه وشفع في أخيه شأس فشفعه. ويروى أنّه لمّا قال : " فحق لشأس من نداك ذنوب".
قال الملك : نعم وأذنبه ، وأمر بإطلاقه وأحسن إليه وأجزل الصلة لعلقمة.
ويروى أن الملك : هو الحارث بن أبي شمر الغساني.
__________________
(١) ديوانه ١٣٢ ، الكتاب وشرح الأعلم ٢ / ٤٢٣ ، المفضليات ٣٩٦ ، الكامل ١ / ١٩٥ ، شرح السيرافي ٣ / ٤٢٠ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ٤٠٠ ، المنصف ٢ / ٣٣٢ ، شرح المفصل ٥ / ٤٨ ، ١٠ / ٤٨.