مكانهم من رفعة «بشر» ، كما تقول : ما فوقهم بشر ؛ أي فوق منزلتهم بشر ، وإذا ما دونهم على الظرف.
قال سيبويه : «وليس قولهم : لا يكون في ما إلا الرفع بشيء ، لأنهم يحتجون بأنك لا تستطيع أن تقول : ولا ليس ولا ما».
يعني بذلك : أن قوما من النحويين يزعمون أنه لا يجوز : ليس ذاهبا ولا معن منطلقا.
وكذلك في «ما» ، وذلك أنه لا يصح عندهم عطف الثاني على الأول إلا بتقدير إعادة العامل بعد حرف العطف ، كقولك : قام زيد وعمرو. والتقدير عندهم : وقام عمرو فلا يجيزون : ما زيد ذاهبا ولا عمرو منطلقا ؛ لأنه لا يصلح إعادة العامل وهو «ما» ، لا تقول : ولا ما عمرو منطلقا.
ومذهب سيبويه : أن المعطوف لا يقدر له إعادة العامل ، بل يجعل العامل الأول عاملا فيهما ويجعل حرف العطف كالتثنية فيصير المعطوف والمعطوف عليه كالمثنى. ألا ترى أن قولنا : قام الزيدان بمنزلة قام زيد وزيد ، وقام زيد وعمرو بمنزلة : قام الزيدان غير أنه لم يمكن تثنية زيد وعمرو بلفظ واحد ففصل بينهما بالواو ، وصارت الواو كالتثنية فيما اتفق لفظه.
ولو قدمت ذكر زيد وعمرو ، ثم كنيت عنهما ، لم تحتج إلى عطف ، وثنيت كنايتهما لاتفاق الكنايتين ، وإن كان الاسمان مختلفين ، فقلت. زيد وعمرو قاما.
والذي منع من إعادة العامل في مسائل «ما» و «ليس» أنك لا تجمع بين حرفي نفي ، فلم يجز إعادة «ما» و «ليس» بعد «لا» ثم أراهم سيبويه المناقضة في ما أصلوه.
فقال : «فأنت تقول : ليس زيد ولا أخوه ذاهبين».
يعني أنهم يعطفون «الأخ» على «زيد» ، والعامل فيه «ليس» ، ولا يحسن إعادة «ليس» فقد ناقض.
قوله : «وإن شئت قلت : ما زيد ذاهبا ولا كريم أخوه» إلى قوله : «حين بدأت بالاسم».
يعني أنه يجوز أن تقول : ولا كريم أخوه ، على أن تجعل «أخوه» مرفوعا بالابتداء لا «بكريم» وتجعل «كريما» مرفوعا بخبر الابتداء وإن كان متقدما.
ويكون التقدير : ولا أخوه كريم ، كما قلت : ما زيد ذاهبا ولا عمرو منطلقا ، ولا عمرو منطلق إذا بدأت بالاسم قبل الخبر.
قوله : «وتقول ما زيد ذاهبا ولا محسن زيدا» إلى قوله : «واستؤنف على حياله وحيث كان ضعيفا».
اعلم أن الاسم الظاهر متى احتيج إلى تكرير ذكره في جملة واحدة ، كان الاختيار أن يذكر ضميره ؛ لأن ذلك أخف وأنفى للشبهة واللبس ، كقولك : زيد ضربته وإن أعدت ذكره