وأما بالنسبة إلى الأجير الذي من نيته أخذ العوض [١] فربما يستشكل فيه [٢] ، بل ربما يقال [٣] ـ من هذه الجهة ـ : أنه لا يعتبر فيه قصد القربة ، بل يكفي الإتيان بصورة العمل عنه.
لكن التحقيق : أن أخذ الأجرة داع لداعي القربة [٤]
______________________________________________________
من توجه اليه. ( ثانيتها ) : أنه كيف يكون فعله مفرغا لذمة المنوب عنه؟. ( ثالثتها ) : أنه كيف يتقرب المنوب عنه بفعل النائب؟ وكيف يستحق عليه الثواب؟.
وقد عرفت اندفاع الاشكال من الجهات المذكورة ، بلا فرق بين المتبرع والأجير ، غاية الأمر أن جعل النائب عمله للمنوب عنه قد يكون بداعي الأجرة ، كما في الإجارة والصلح والجعالة والأمر بالعمل. وقد يكون بداع شرعي ، كما لو كان بقصد الصلة للقريب والجزاء على الإحسان. والاختلاف في هذه الجهة لا أثر له في الفرق بينهما في جهة الإشكال المتقدم. نعم يفترقان في جهة أخرى يأتي الكلام عليها.
[١] هذا في الجعالة ظاهر. أما في باب الإجارة فالأجر وان كان مستحقا ومملوكا بنفس العقد لا بالعمل ، لكن العمل له دخل في جواز المطالبة بالأجرة. وعلى كل حال فجهة الإشكال في الجميع : كون العمل فاقداً لشرط الإخلاص.
[٢] حكي ذلك عن المفاتيح ، تبعاً لبعض آخر.
[٣] القائل : صاحب المستند.
[٤] لا يخفى أنه لا مجال القياس المقام على الأمثلة المذكورة ، فإن الفعل بداعي أمر الله سبحانه ـ بداعي خوفه ورجائه في الأمور الدنيوية والأخروية ـ لا ينافي تحقق الإطاعة والانقياد له ، الموجب للقرب منه سبحانه واستحقاق الثواب ، إذ الإطاعة في كل مقام لا تكون غرضا أصليا للمطيع