ـ كما في صلاة الحاجة وصلاة الاستسقاء ـ حيث أن الحاجة
______________________________________________________
بل تكون غرضا غيريا. لكن الفعل بداعي أمره سبحانه. بداعي خوف غيره أو رجائه ـ إنما يكون مقربا في نظر العقلاء من ذلك الغير ، لا منه سبحانه ، كما يظهر ذلك من ملاحظة إطاعة الأوامر العرفية. فإن المولى إذا أمر عبده بإطاعة ضيفه أو صديقه أو ولده فاطاعه كان العبد مستحقاً للجزاء على المولى ، لا على الضيف أو الصديق أو الولد ، فاطاعة النائب أمر الله سبحانه بداعي إطاعة المستأجر واستحقاق الأجر لا تكون مقربة عند العقلاء إلا من المستأجر لا غير ، ولا يستحق ـ بفعله ـ ثواباً منه سبحانه ، فلا تتحقق العبادية المعتبرة في العبادات فلا مجال لقياس العبادة بداعي خوف غير الله سبحانه أو رجائه على الأمثلة المذكورة في المتن ، فإنها فعل العبادة بداعي خوف الله سبحانه أو رجائه.
فالتحقيق في دفع هذا الاشكال : أن فعل العبادة بداعي غير الله سبحانه إنما يمتنع من مقربيتها للفاعل نفسه ، فان كان فعله لنفسه بطلت العبادة ، لأنه يعتبر في جميع العبادات أن تقع على وجه مقرب للفاعل ، أما إذا كان فعله لغيره متقربا عنه فلا موجب لبطلانها بالإضافة إلى غيره. وبعبارة أخرى : إنما يعتبر في العبادة وقوعها على نحو مقرب لمن له العبادة ، فإذا كان المتعبد فاعلا عن نفسه كان فعله بداعي غير الله ـ سبحانه ـ مانعاً من تقربه ، فتبطل ـ لأجله ذلك ـ عبادته. أما إذا كان فاعلا عن غيره فلا دليل يقتضي بطلانها حينئذ. ولأجل ذلك لم يقرر الاشكال المذكور في عبادة المتبرع إذا كان تبرعه بداعي حب المنوب عنه لا بداعي الأمر الشرعي بالتبرع ، مع أنه في التبرع المذكور غير متقرب الله ، فاذا لم يعتبر التقرب في الفعل عن الغير لم يقدح فعله بداعي غير الله. كما لعله ظاهر بأدنى تأمل.