______________________________________________________
فقوله (ع) : « من كان .. » يكون المراد منه نفس الصف ، كما تقدم تفسيره بذلك من المدارك. وكذلك التعبير بالخلف في الفقرة اللاحقة ـ أعني : قوله (ع) : « لمن صلى خلفها .. » ـ فان الظاهر منه غير جهة الباب ، فالمستثنى منه في الفقرة المذكورة الصف الذي يكون خلف المقصورة ، لا ما يكون في جهة بابها.
هذا مضافا الى صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع) : « لا أرى بالصفوف بين الأساطين بأساً » (١).
فإن الظاهر أن المراد منه نفي البأس بالاساطين بين الصفوف ، وأن الوجه في جواز ذلك ـ مع أن الأساطين حائلة بين المأمومين ـ هو اتصال بعضهم ببعض من الجهات الأخرى. وبعد ملاحظة هذه القرائن الداخلية والخارجية لا ينبغي التأمل في كفاية الاتصال بالإمام ولو بواسطة ، وعدم قدح الحائل من جهة إذا كان الاتصال من الجهة الأخرى.
وأما كلمات الأصحاب فظاهر بعضها وان كان ما ذكر ، إلا أن عدم تعرضهم للخلاف في هذه الجهة ، واتفاقهم على صحة صلاة جميع أهل الصفوف المتأخرة عن الصف الأول ـ مع أن الحكم ببطلان طرفي الصف الأول لعدم الاكتفاء بالمشاهدة من أحد الجانبين ، يوجب الحكم ببطلان طرفي الصف الثاني لحيلولة طرفي الصف الأول بينهم وبين الوسط الذي هو بحيال الامام ، فلا تتيسر لهم المشاهدة إلا من أحد الجانبين ، وهكذا الحال في طرفي الصف الثالث وما بعده من الصفوف ـ كل ذلك قرينة على إرادة بطلان صلاة الصف المنعقد عن يمين المحراب ويساره. ولذا حكي عن جماعة تصوير فرض صلاة الإمام في محراب داخل بما ذكر في المتن في صدر المسألة والحكم بأن ذلك ألصق بالمقام.
__________________
(١) الوسائل باب : ٥٩ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢.