______________________________________________________
والإنصات مندوب إجماعا إلا من ابن حمزة ، كما عن ظاهر التنقيح والنجيبية. ويشهد به عدم تعرضهم لوجوبه في واجبات الجماعة. والسيرة المستمرة على تركه ـ كما قيل ـ بل قد يشهد به ما في ذيل الآية من قوله تعالى ( لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) ، فان تعريض النفس للرحمة ليس بواجب وإن وجب تعريضها للغفران ودفع العذاب. لكن دعوى ذلك في الأول غير ظاهرة ، إذ تطبيق آية الإنصات فيه يمكن أن يكون بلحاظ الأمر به ، لا بلحاظ النهي عن القراءة. ودعواه في الثاني أشكل ، لعدم تضمنه النهي عن القراءة ، فضلا عن تعليله بالإنصات. نعم يفهم من الأمر بالإنصات فيه والتسبيح المفروغية عن سقوط القراءة. وهو أجنبي عن المدعى. ومنه يظهر : ما في الاستشهاد بحديث المرافقي. والتعليل في الرابع إنما كان لأمر الإمام بالجهر ـ الذي هو واجب عليه جزما ـ لا للنهي عن القراءة. وحينئذ لو فرض كون المراد من الإنصات ترك القراءة كان دالا على حرمتها ، لأن علة الواجب واجبة. ولو أريد منه الإصغاء كانت الرواية دالة على المفروغية عن ترك القراءة ، من دون تعرض لحرمتها أو كراهتها.
وبالجملة : رفع اليد عن ظاهر النهي بمجرد ذلك غير ظاهر. ولا سيما وبعض نصوصه آب عن الحمل على الكراهة ، كالصحيح المتضمن : « من قرأ خلف إمام يأتم به فمات بعث على غير الفطرة » (١) بعد تخصيصه بإخراج الإخفاتية أو الجهرية في صورة عدم السماع. فلاحظ.
وقد يستشهد للكراهة بجمع الجهرية والإخفاتية في النهي عن القراءة فيهما ـ بتقريب ـ : أن قيام القرينة على إرادة الكراهة من النهي بالإضافة إلى الإخفاتية ، يقتضي حمله عليها بالإضافة إلى الجهرية أيضا ، فإن ذلك أولى من حمله على عموم المجاز. وفيه : أنه مبني على كون استعمال
__________________
(١) الوسائل باب : ٣١ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٤.