بالطهارة الحدثية ، أو بالقبلة ـ بأن صلى مستدبرا أو إلى اليمين أو اليسار ـ أو بالوقت ـ بأن صلى قبل دخوله ـ أو بنقصان ركعة أو ركوع أو غيرهما من الأجزاء الركنية ، أو بزيادة
______________________________________________________
الجاهل لانقطاع عذره ، ولا يدل على بطلان عمله الناقص ، لإمكان كون الصلاة ذات مراتب متفاوتة في الكمال والنقصان ، فيكون الشيء جزءاً أو شرطا لبعضها فيفوت بفواته ، ولا يكون جزءاً أو شرطا لبعضها الآخر فيصح بدونه ، بنحو لا يمكن تدارك الفائت. ولذا نسب إلى الأصحاب : الحكم بصحة عمل الجاهل بالجهر والإخفات والقصر والتمام ، مع استحقاق العقاب فالعقاب لا يستلزم البطلان ووجوب التدارك.
كما أن مما ذكرنا يظهر : أن تسليم عموم أدلة الجزئية وامتناع تقييدها بالعلم لا ينافي قيام الدليل على صحة الناقص وعدم وجوب التدارك ، إذ على هذا يكون التكليف بالكامل مشتركا بين العالم والجاهل ، والتكليف بالناقص منوطاً بالجهل بالتكليف بالكامل. فالعمدة ـ إذا ـ إثبات ذلك الدليل الدال على الصحة فإن تمَّ ، وإلا فالحكم بالبطلان للقاعدة المتقدمة. والمصنف ( قده ) يرى تمامية ذلك الدليل. وكأنه إطلاق صدر صحيح زرارة ـ المروي في الفقيه والتهذيب ـ عن أبي جعفر (ع) : « لا تعاد الصلاة إلا من خمسة : الطهور ، والوقت ، والقبلة ، والركوع ، والسجود ، ثمَّ قال : القراءة سنة والتشهد سنة ، ولا تنقض السنة الفريضة » (١) فإن إطلاقه شامل للجاهل بالحكم. ولأجله فصل بين الخلل في الركن ـ زيادة أو نقيصة ـ وبين الخلل في غيره ، فجزم بالبطلان في الأول ، لقيام الدليل بالخصوص على قدحه في الصحة ـ كالاستثناء في الصحيح المذكور ، وكغيره مما سنشير إليه في محله ـ فترفع به اليد عن صدر الصحيح. وقوى الصحة في الثاني ، أخذاً بالطلاقة.
__________________
(١) الوسائل باب : ١ من أبواب أفعال الصلاة حديث : ١٤.