كما يتفق كثيراً لبعض الناس ـ كان ذلك شكا [١]. وكذا لو
______________________________________________________
فلا يعلم أن ما حصل لها شك أو ظن ، أو لخفاء ما به الامتياز بين الحالين فيصعب على النفس تمييزه.
[١] لا يخلو عن إشكال ، لأن كلا من الشك والظن على خلاف الأصل ، فلا يمكن إثبات أحدهما بعينه بالأصل ، بل الواجب الرجوع الى قواعد العلم الإجمالي. اللهم إلا أن يكون المراد من الشك ـ المأخوذ موضوعاً في النصوص ـ خلاف اليقين ـ كما لعله معناه لغة ، ويساعده مقابلته باليقين والحفظ ونحوهما في النصوص ـ فيكون محرزاً بالوجدان. غاية الأمر انه إذا حصل الظن كان طريقاً إلى مؤداة ، فإذا شك فيه كان الأصل عدمه.
فان قلت : قد ذكر في صحيح عبد الرحمن والبقباق (١) ـ وفي مرسل جميل ـ (٢) اعتدال الوهم موضوعاً للبناء على الأكثر ، فيكون مقيداً لإطلاق الشك المذكور في النصوص على تقدير تسليمه ، فمع الشك في اعتدال الوهم أو ترجيح أحد الطرفين لا مجال للأصل في تعيين أحدهما ، لمخالفة وجود كل منهما للأصل. قلت : كما ذكر الاعتدال في النصوص المذكورة قيداً لموضوع قاعدة البناء على الأكثر ذكر أيضاً عدم ذهاب الوهم قيداً ، كما في صحيح الحلبي (٣). ولأجل أنه يمتنع أخذ كل منهما قيداً في الموضوع فإنه خلاف الظاهر ، فلا بد من إرجاع أحدهما إلى الأخر. والذي يساعد عليه الارتكاز العرفي إرجاع الاعتدال الى عدم الظن ، لا العكس.
فيكون المستفاد من مجموع النصوص : أن من لا يدري ثلاثاً صلى أو أربعاً ـ مثلا ـ إن قام عنده طريق الى أحد الأمرين عول عليه ، وإلا بنى على الأكثر ، فيكون تمام الموضوع لقاعدة البناء على الأكثر هو عدم الطريق الى الواقع المجهول ، فمع الجهل بالواقع ، واحتمال وجود الطريق عليه يرجع
__________________
(١) تقدم ذكر الروايات في الثاني من أقسام الشكوك الصحيحة.
(٢) تقدم ذكر الروايات في الثاني من أقسام الشكوك الصحيحة.
(٣) تقدم ذكر الروايات في الثاني من أقسام الشكوك الصحيحة.