أحوط ، بل الأحوط مراعاة الاحتياط مطلقا. إذ قد يكون
______________________________________________________
على خرص تمام الثمرة ، فيجوز أن يخرص المقدار المتعارف بقاؤه الى أن يصير تمراً ، واستثناء المقدار الذي يتعارف أكله أو إتلافه قبل اليبس. وقد ورد عن النبي (ص) : أنه كان إذا بعث الخارص قال : « خففوا على الناس ، فان المال مال العرية (١) ، والواطية ، والآكلة » (٢).
وثامنة : بأنه لو كانت مقصورة على التمر والزبيب لأدى ذلك إلى ضياع الزكاة ، لأنهم كانوا يحتالون بجعل العنب والرطب دبساً وخلا ، وكانوا يبيعونها كذلك ، وفيه : أن الحيل المذكورة لا تقوى على إفناء التمر مهما كثرت. مع أن في جعلهما كذلك تضييعاً لهما وانقاصاً لماليتهما ، والمقدار الواجب في الزكاة أقل ضرراً مالياً مما ذكر ، فالفرار من الزكاة إلى ذلك فرار من الأخف إلى الأشد ، والأقل ضرراً إلى الأكثر ، كما هو واضح.
وبالجملة : ليس في الوجوه المذكورة دلالة على مذهب المشهور. ومثلها في الاشكال : دعوى : أن الحنطة ، والشعير ، والتمر ، والزبيب يراد منها موادها المقابلة لمواد الحبوب والثمار المغايرة. فإنها خروج عن الظاهر من دون قرينة عليه. مع أن لازمه وجوب الزكاة في ثمر النخل قبل الاحمرار والاصفرار ، فالبناء على ظاهرها متعين.
نعم قد يشكل الحال في العنب ، من جهة ظهور صحيح سليمان المتقدم في أنه موضوع للزكاة ، ومحتمل صحيح سعد الثاني (٣). وكأنه لذلك جعل في المتن المعيار صدق العنب في الزبيب ، كما حكي عن أبي على والمدارك. ولا يخلو من قوة.
__________________
(١) العرية : النخلة يعيرها صاحبها غيره ليأكل ثمرها. « منه قدسسره »
(٢) راجع كنز العمال ج ٣ صفحة ٣٠٥ ملحق حديث : ٥٠٩٤.
(٣) تقدم ذكرهما في أوائل هذه التعليقة.