______________________________________________________
التمكن على النحو المذكور في آخر الحول ـ الذي هو وقت الوجوب ـ شرط قطعاً ، فلو أريد من التمكن من التصرف ـ الذي أخذ شرطاً في تمام الحول ـ غير هذا المعنى لزم اشتراط الوجوب بأمرين ، لا أمر واحد ، وظاهر النص أن التمكن في تمام الحول تمام السبب في الوجوب ، فلا بد أن يكمل على ما هو الشرط في آخر الحول ، كي لا يكون الشرط للوجوب إلا أمراً واحداً.
وفيه : أن هنا أمرين ، ثبوت الزكاة في المال ، ووجوب دفعها إلى مصرفها. والتمكن من الدفع في آخر الحول إنما يكون شرطاً في وجوب الدفع ، لا في ثبوت الزكاة في المال. والتمكن من التصرف طول الحول إنما هو شرط في ثبوتها في المال. فلو بني على أن التمكن من التصرف في تمام الحول ـ الذي هو السبب التام في ثبوت الزكاة ـ بمعنى آخر ، لم يلزم أن يكون الشرط أمرين. إذ كل واحد منهما شرط في غير ما يكون الآخر شرطاً له ، كما هو ظاهر بالتأمل.
فالأولى أن يقال : قوله (ع) في حسن سدير : « لأنه كان غائباً عنه » (١) تعليلا لعدم وجوب الزكاة ، لا يراد منه مجرد الغيبة المقابل للحضور قطعاً ، إذ لا يمكن الالتزام بأن من كانت له نقود أو زروع أو مواش متفرقة في القرى والضياع لا تجب عليه زكاتها ، حيث لم يحضر عند كل واحد منها طول سنته. مع أن المال في مورد الرواية لم يكن غائباً وإنما كان مجهولا موضعه لا غير. فالمراد من الغيبة كونه ممنوعاً عنه على نحو لا يقدر على أخذه ، كما يشير إليه قوله (ع) بعد ذلك : « وإن كان احتبسه .. » يعني : وإن كان هو الذي جعله محبوساً عنه ، فذلك كله قرينة على أن المراد أن المانع من ثبوت الزكاة كون المال محبوساً عن المالك والشرط أن يكون مطلقاً مقدوراً عليه.
__________________
(١) لاحظ ذلك في صدر التعليقة.