والمناط قيمته يوم تلفه [١] ، وهو وقت الزرع.
______________________________________________________
الاستثناء وجب البناء عليه ، كما لا يخفى.
[١] قال في المسالك في مقام تعداد المؤن : « وعين البذر إن كان من ماله المزكى فالمؤنة عينه. ولو اشتراه تخير بين استثناء ثمنه وعينه .. » وعن البيان : « لو اشترى بذراً فالأقرب أن المخرج أكثر الأمرين من الثمن والقدر. ويحتمل إخراج القدر خاصة ، لأنه مثلي .. ». وتنظر فيه في الجواهر : « بأن الذي يعد أنه من مؤن الزرع ، وصار هو سبباً لإتلافه عين البذر لا ثمنه. ولو منع ذلك وجعل نفس الثمن لم يؤخذ القدر. وبالجملة : التخيير المزبور لا يخلو من نظر ، أو منع .. ».
أقول : لعل وجهه : أنه كما يصدق على البذر أنه محتاج اليه الزرع يصدق على المال الذي يشترى به البذر أنه محتاج اليه الزرع ، لتوقف الزرع على كل منهما. غاية الأمر : أن أحدهما مقدمة للآخر ، والبذر مقدمة قريبة ، وثمنه مقدمة بعيدة. فكل منهما مئونة لا في عرض واحد ، بل أحدهما في طول الآخر ، فاستثناؤهما معاً غير ممكن ، واستثناء أحدهما بعينه ترجيح بلا مرجح. ولأجل أنه لا يمكن البناء على عدم استثنائهما معاً ، كان اللازم استثناء أحدهما لا بعينه ، ومفاده التخيير.
وهكذا الحال في جميع المقدمات الطولية. فلو كان عين البذر لا يشترى إلا بالأرز ، والأرز لا يشترى إلا بالسمسم ، والسمسم لا يشترى إلا بالدراهم فاشترى السمسم بالدراهم ، والأرز بالسمسم ، والبذر بالأرز ، تخير بين استثناء الدراهم والسمسم والأرز والبذر. وهكذا الحال في أجرة العامل.
اللهم إلا أن يقال : ليس المراد من المؤنة ما يحتاج اليه الزرع ليصدق على كل من المقدمات الطولية ، بل خصوص الخسارة المالية ، وثمن البذر ليس منها ، لوجود بدله ، بخلاف نفس البذر التالف بنثره في الأرض.