وحينئذ فلو باع قبل أداء الزكاة بعض النصاب صح ، إذا كان مقدار الزكاة باقياً عنده [١] ، بخلاف ما إذا باع الكل ،
______________________________________________________
قرينة عليه ، لظهوره في التكليف. أو لأنه مقتضى الجمع بين مثل الصحيح والنصوص المتضمنة أن الزكاة على المال (١). ولا سيما بملاحظة ما تضمن من النصوص والفتاوى عدم ضمان الزكاة بتلف النصاب (٢) ، إذ لو كانت في الذمة لا موجب لبراءة الذمة عنها بمجرد تلف النصاب. كما أن تلف الرهن لا يوجب براءة ذمة الراهن من الدين. والمسألة محتاجة إلى تأمل ، وإن كان الأقرب إلى الذهن عاجلا هو الأول.
هذا وقد كنت أمني نفسي ـ من حين شروعي في كتاب الزكاة ـ أن أكتب هذه المسألة على أحسن طرز وأوضح منهج ، غير أنه حالت الحوائل القاسرة بيني وبين ذلك فلم أهتد لأجلها سبيلا. وذلك مما أصاب إخواننا المؤمنين الصالحين الايرانيين والعراقيين من أنواع البلايا والمحن. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ... وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.
[١] قد عرفت : أن صحة البيع فيما زاد على مقدار الزكاة تترتب أيضا على القول بكون التعلق بنحو تعلق حق الرهانة أو الجناية ، لعدم ظهور الدليل في كون الحق مستوعباً للمال. نعم إذا كان مستوعباً للمال ـ كما يظهر من كلمات شيخنا الأعظم ـ امتنع التصرف في الجزء المعين من النصاب كالقول بالإشاعة. كما أنهما يفترقان عنه ، بأنه على الإشاعة يجوز التصرف بالمشاع غير المعين ، كما لو باع نصف النصاب مشاعاً ، ولا يجوز ذلك على القول الآخر ، لأن المال بجميع أجزائه وكسورة موضوع للحق.
__________________
(١) تقدمت الإشارة إليها في أوائل هذه التعليقة.
(٢) تقدم ذكر النصوص في المسألة : ١٠ من فصل زكاة الأنعام.