______________________________________________________
يحتمل أن يكون حكماً تعبدياً جارياً على خلاف القواعد الأولية ، وقد عرفت أن أصالة العموم لا تصلح لتشخيص الموضوع. اللهم إلا أن يستفاد الأول بقرينة مناسبة الحكم والموضوع. وعليه فقد يستشكل في التصرف في المقدار الزائد على مقدار الزكاة ، بدعوى : أن ظاهر قولهم (ع) : « عليه الزكاة » أن الحق الزكوي مستوعب لجميع المال ، ولا يختص بالمقدار المساوي له. لكنها محل نظر. والقياس على موارد الاستعمال العرفي شاهد عليه. بل بقرينة مناسبة الحكم والموضوع ـ المعول عليها في فهم كون المتعلق على نحو يمنع من التصرف ـ يكون الصحيح ظاهراً في أن الحق قائم بمقداره من المال لا أزيد ، فيجوز التصرف في بعض النصاب وان لم ينو المالك الأداء من غيره. بل الصحيح المذكور ظاهر في بيع تمام النصاب ، فلا يدل على المنع عن التصرف في بعضه. فلاحظ.
ثمَّ إن كثيراً من النصوص قد تضمن أن الزكاة على المالك ، ومقتضى قياسه بالاستعمالات العرفية أن تكون الزكاة في ذمة المالك وإن كان لها تعلق بالعين ، فيكون تعلقها بالعين نظير حق الرهانة. اللهم إلا أن يكون المراد من الزكاة فيه المعنى المصدري ـ أعني : تزكية المال ـ لا نفس المقدار المفروض على النصاب ، فيكون مفاد النصوص حينئذ التكليف بالأداء لا غير كما هو الظاهر مما قرن فيه الزكاة بالصلاة ، فيكون تعلقها بالعين نظير تعلق حق الجناية ليس له تعلق بذمة المالك.
نعم بعضها ظاهر في أن المجعول في الذمة نفس العين ، كصحيح زرارة ـ الوارد في إبدال الأسنان الواجبة ـ قال (ع) فيه : « وكل من وجبت عليه جذعة ، ولم تكن عنده .. » (١) وحملها على إرادة من وجب عليه أداء جذعة خلاف الظاهر. اللهم إلا أن يكون لفظ الوجوب
__________________
(١) الوسائل باب : ١٣ من أبواب زكاة الأنعام حديث : ١.