______________________________________________________
ولا تذل المؤمن » (١).
نعم يعارضه مصحح ابن مسلم : « قلت لأبي جعفر (ع) الرجل يكون محتاجاً ، يبعث إليه بالصدقة فلا يأخذها على وجه الصدقة ، يأخذه من ذلك ذمام واستحياء وانقباض ، أفنعطيها إياه على غير ذلك الوجه ، وهي منا صدقة؟ فقال (ع) : لا ، إذا كانت زكاة فله أن يقبلها ، فان لم يقبلها على وجه الزكاة فلا تعطها إياه. وما ينبغي له أن يستحيي مما فرض الله عز وجل ، إنما هي فريضة الله ، فلا يستحي منها » (٢). لكن إعراض الأصحاب عنه مانع عن صلاحيته للمعارضة. مع أن الأول نص في الجواز ، فلا يقوى الثاني على صرفه وإن كان ظاهراً في المنع ، كما لا يخفى. مضافاً إلى أن قوله : ( لا ) جواب عن إعطائها على وجه غير الزكاة ، بحيث يكون العنوان المغاير للزكاة مقصوداً له ، والمنع عن ذلك لا يلازم وجوب الاعلام. وأما قوله (ع) : « فان لم يقبلها على وجه الزكاة .. » فيمكن أن يكون المراد منه اعتبار قصد القابض للزكاة ولو إجمالا ، بحيث لا يكفي عدم قصدها أصلا ، أو قصد عنوان آخر مباين ، لا وجوب قصده للزكاة تفصيلا ، ليكون معارضاً للخبر الأول. وأما قوله (ع) : « وما ينبغي له .. » فعلى ظاهره لا يمكن الالتزام به ، فإن مذلة الفقر مما يحسن الحياء منها قطعاً. وقد مدح الله سبحانه المتعففين بقوله تعالى : ( يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ ... ) (٣) فلا بد أن يحمل على إرادة التنفر النفسي من الزكاة ، كما يشير إليه ما في صدره ، من التعبير
__________________
(١) الوسائل باب : ٥٨ من أبواب المستحقين للزكاة حديث : ١.
(٢) لاحظ صدر الرواية في الوسائل باب : ٥٨ من أبواب المستحقين للزكاة حديث : ٢ ، وذيلها في باب : ٥٧ من الأبواب المذكورة حديث : ١.
(٣) البقرة : ٢٧٣.