______________________________________________________
أن ظهوره في اللزوم يوجب خروجه عن موضوع الفقر. لكن فيه : ما عرفت من ظهوره في غير ذلك. وأما إطلاق بعض النصوص فدعواه غريبة ، إذ الظاهر من قول القائل : « لا يعطى الجد » ، أو « لا يعطى الأب » أنه لا يعطى جد المعطى وأبوه ، فالحكم مختص بالمنفق ولا يشمل غيره. وأما صدق الغنى بحصول الكفاية فيمكن منعه ، ولذا لمن يكن إشكال ظاهر في جواز إعطاء عيال الموسر الباذل إذا لم يكن واجب النفقة عليه ، والفرق بينهما باللزوم وعدمه غير فارق.
ولما ذكرنا اختار الجواز جماعة ، منهم العلامة في جملة من كتبه ، والشهيد في الدروس والبيان ، والمحقق الثاني في فوائد الشرائع ، والسيد في المدارك على ما حكي ، بل عن الحدائق : نسبته إلى الأكثر. واستدل لهم بصحيح ابن الحجاج عن أبي الحسن الأول (ع) قال : « سألته عن الرجل يكون أبوه أو عمه أو أخوه يكفيه مئونته ، أيأخذ من الزكاة فيوسع به إن كانوا لا يوسعون عليه في كل ما يحتاج إليه؟ فقال (ع) : لا بأس » (١). وفيه نظر ، لظهوره في صورة عدم قيامهم بكل ما يحتاج اليه ، كدين عليه أو نفقة لازمة له ونحوهما ، فلا يكون مما نحن فيه. واستدل له أيضاً : بأن الفقر أخذ موضوعاً لوجوب الإنفاق ولوجوب الزكاة ، فكما لا ينتفي ببذل الزكاة بحيث يخرج عن موضوع الإنفاق ، كذلك لا ينتفي ببذل النفقة بحيث يخرج عن موضوع الزكاة.
وقد يجاب : بأن موضوع الإنفاق عدم القدرة على مئونة نفسه ، وهو غير حاصل ببذل الزكاة. وموضوع الزكاة الحاجة والفقر ، وهو يرتفع بتملكه على غيره المؤنة ولو بالتكليف ببذلها. ويمكن أن يخدش : بأن الأولى الحكم بعكس ما ذكر ، لأن موضوع الزكاة الفقير وهو حاصل. ومجرد
__________________
(١) الوسائل باب : ١١ من أبواب المستحقين للزكاة حديث : ١.