______________________________________________________
الوسائل ـ بقرينة ما في صدره » لئلا يلزم التنافي بينهما ـ ليس بأولى من حمل ما في صدره على الاستحباب ، بل الثاني هو المتعين في نظر العرف ، فإنه أولى من التفكيك بين الصدر والذيل في الموضوع ، بأن يكون موضوع الأول غير المعزولة وموضوع الثاني المعزولة. وبذلك يظهر لك الإشكال في دعوى الإجمال للتنافي المذكور ، فإنها تتم لو لم يكن أحد الاحتمالين أقرب عرفاً كما عرفت. ومصحح ابن سنان : « وإعطاء الفطرة قبل الصلاة أفضل ، وبعد الصلاة صدقة » (١) فان الظاهر من الأفضلية الاستحباب. وحملها على الوجوب ـ بقرينة الذيل ـ خلاف الظاهر. كما أن حملها على القبلية القريبة خلاف ظاهر المقابلة جداً.
وهذان الصحيحان وإن كانا خاليين عن التحديد بالزوال ، لكن يحملان عليه ، بقرينة ما عن الإقبال ، عن كتاب عبد الله بن حماد الأنصاري ، عن أبي الحسن الأحمسي ، عن أبي عبد الله (ع) : « إن الفطرة عن كل حر ومملوك .. ( إلى أن قال ) : قلت : أقبل الصلاة أو بعدها؟ قال (ع) : إن أخرجتها قبل الظهر فهي فطرة ، وإن أخرجتها بعد الظهر فهي صدقة ولا يجزيك. قلت : فأصلي الفجر وأعزلها ، فيمكث يوماً أو بعض يوم ثمَّ أتصدق بها؟ قال (ع) : لا بأس ، هي فطرة إذا أخرجتها قبل الصلاة » (٢).
هذا وفي المنتهى ـ بعد أن ادعى الإجماع على الإثم لو أخرها عن الصلاة كما سبق ـ قال : « والأقرب عندي جواز تأخيرها عن الصلاة ، ويحرم التأخير عن يوم العيد .. ». وظاهره جواز التأخير إلى آخر النهار ، وقواه المجلسي (ره) في مرآة العقول. وكأنه لإطلاق الصحاح المتقدمة ، وعدم الاعتناء بخبر الإقبال لضعفه سنداً ، فإن أبا الحسن مهمل ، والأنصاري غير ظاهر التوثيق. ولاضطرابه دلالة ، فإن قوله (ع) : « إذا أخرجتها
__________________
(١) الوسائل باب : ١٢ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ١.
(٢) الوسائل باب : ٥ من أبواب زكاة الفطرة حديث : ١٦.