______________________________________________________
لكن الانصاف : ظهور الصحيحين ـ بقرينة وصف الرجل الدافع بالعارف ـ في إرادة الدفع إلى غير العارف ، فلا يكونان مما نحن فيه ، كما ذكر في المدارك. فلا بأس بالعمل بالمرسل. ولا يقدح إرساله ، فإن مرسلة ابن أبي عمير الذي قيل : « إنه لا يروي ، ولا يرسل إلا عن ثقة ». ولا سيما مع اعتضاده بالتعليل الوارد في زكاة المخالف. مع أنه بناء على كون الزكاة في الذمة أو في العين فسقوطها بالأداء لغير المستحق لا دليل عليه ، والأصل ينفيه. نعم لو كانت الزكاة معزولة ، فضمانها بالدفع المذكور ـ الذي لا تفريط فيه ، لكونه جرياً على القواعد الشرعية الظاهرية ـ غير ظاهر. والدفع إلى غير المستحق ليس عزلا ، إذ نية كونه زكاة منوطة بقبض المستحق ، ولذا يجوز له العدول قبل القبض. ومثله : دعوى الضمان بالإتلاف ، إذ لا إتلاف بالدفع المذكور ، ولذا نقول بضمان المدفوع إليه بالقبض ، بعموم : « على اليد .. ». نعم إذا تعذر أخذها من المدفوع إليه ، كان ضمانها على الدافع للحيلولة.
والمتحصل : أنه لو كانت الزكاة متعينة فلو دفعها إلى غير المستحق اعتماداً على حجة ، فالأصل البراءة من ضمانها. والتعليل الوارد في زكاة المخالف محمول على غير هذه الصورة ، لئلا يكون تعليلا تعبدياً ، وهو خلاف ظاهره. ولو دفعها اليه بلا حجة كان تفريطاً موجباً للضمان. ولو كانت الزكاة غير معينة ، بل كانت في ذمته أو في النصاب ، وأراد تخليص ذمته أو نصابه منها فدفعها إلى غير المستحق ، فالأصل يقتضي عدم حصول التخليص بذلك ، وظاهر المرسل الضمان في جميع الصور ، فالاعتماد عليه في ذلك في محله. وأما صحيح عبيد وزرارة فلا ينبغي الاستدلال بهما على المقام لما سبق من كونهما في غير ما نحن فيه.
ومن ذلك كله يظهر لك ضعف القول بعدم الضمان مطلقاً ، كما عن