وبما أراه الله ، وأن الدعوة في ذلك مجابة ، فقطعنا أن في هذه الأمة من لحقت درجته درجة الأنبياء في النبوة عند الله لا في التشريع ، ولهذا بيّن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأكد بقوله : [فلا رسول بعدي ولا نبي] فأكد بالرسالة من أجل التشريع ، فأكرم الله رسوله صلىاللهعليهوسلم بأن جعل آله شهداء على أمم الأنبياء ، كما جعل الأنبياء شهداء على أممهم ، ثم أنه خصّ هذه الأمة أعني علماءها ، بأن شرع لهم الاجتهاد في الأحكام ، وقرر حكم ما أداه إليه اجتهادهم ، وتعبدهم به وتعبد من قلدهم به ، كما كان حكم الشرائع للأنبياء ومقلديهم ، ولم يكن مثل هذا لأمة نبي ما لم يكن بوحي منزل ، فجعل الله وحي علماء هذه الأمة في اجتهادهم ، كما قال لنبيه صلىاللهعليهوسلم : (لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ) فالمجتهد ما حكم إلا بما أراه الله في اجتهاده ، فهذه نفحات من نفحات التشريع ما هو عين التشريع ، فلآل محمد صلىاللهعليهوسلم ، وهم المؤمنون من أمته العلماء ، مرتبة النبوة عند الله ، تظهر في الآخرة ، وما لها حكم في الدنيا إلا هذا القدر من الاجتهاد المشروع ، فلم يجتهدوا في الدين والأحكام إلا بأمر مشروع عند الله ، فإن اتفق أن يكون أحد من أهل البيت بهذه المثابة من العلم والاجتهاد ولهم هذه المرتبة كالحسن والحسين وجعفر وغيرهم من أهل البيت ، فقد جمعوا بين الأهل والآل ، فلا تتخيل أن آل محمد صلىاللهعليهوسلم هم أهل بيته خاصة ، ليس هذا عند العرب ، فإن الآل لا يضاف بهذه الصفة إلا للكبير القدر في الدنيا والآخرة ، فلهذا قيل لنا قولوا : [اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم] أي من حيث ما ذكرناه لا من حيث أعيانهما خاصة دون المجموع ، فهي صلاة من حيث المجموع ، وذكرناه لأنه تقدم بالزمان على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فرسول الله صلىاللهعليهوسلم قد ثبت أنه سيد الناس يوم القيامة ، ومن كان بهذه المثابة عند الله ، كيف تحمل الصلاة عليه كالصلاة على إبراهيم من حيث أعيانهما؟ فلم يبق إلا ما ذكرناه ، روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : [علماء هذه الأمة كأنبياء سائر الأمم] وفي رواية [أنبياء بني إسرائيل] وإن كان إسناد هذا الحديث ليس بالقائم ، ولكن أوردناه تأنيسا للسامعين أن علماء هذه الأمة قد التحقت بالأنبياء في الرتبة ، وتلخيص ما ذكرناه هو أن يقول المصلي [اللهم صل على محمد] بأن تجعل آله من أمته [كما صليت على إبراهيم] بأن جعلت آله أنبياء ورسلا في المرتبة عندك ، [وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم] بما أعطيتهم من التشريع والوحي ، فأعطاهم الحديث فمنهم المحدثون ، وشرع لهم الاجتهاد وقرره حكما شرعيا ،