وأفعالهم ، مع كون هذه الطائفة التي نزل فيهم هذا القرآن من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فما نالوا ما نالوه إلا باتباعه وفهم ما فهموا عنه ، ومع هذا عاتب الله تعالى نبيه صلىاللهعليهوسلم فيهم ، فكان صلىاللهعليهوسلم إذا حضروا لا تعدو عيناه عنهم ، ولما كان دعاؤهم بالغداة والعشي ، وهو زمان تحصيل الرزق في المرزوقين ، فكان رزق هؤلاء بالغداة والعشي ما ينتج لهم معرفة وجه الحق في كل شيء ، فلا يرون شيئا إلا ويرون وجه الحق فيه ، فيحصل لهم معرفة الوجه الذي كان مرادهم ، لأنه تعالى يقول (يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) يعني بذلك الدعاء بالغداة والعشي وجه الحق ، لما علموا أن كل شيء هالك إلا وجهه ، فطلبوا ما يبقى وآثروه على ما يفنى ، فكانوا في حضرة شهود أو طالبين لهذه الحضرة ، ولذا قال تعالى لرسوله صلىاللهعليهوسلم (وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ) فكانت عينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا تعدوان عنهم إلى غيرهم ما داموا حاضرين ، ومن هنا قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم في صفة أولياء الله [وهم الذين إذا رؤوا ذكر الله] لما حصل لهم من نور هذا الوجه الذي هو مراد لهؤلاء ، والأنبياء وإن شاهدوا هؤلاء في حال شهودهم للوجه الذي أرادوه من الله تعالى بدعائهم ، فإنهم من حيث إنهم أرسلوا لمصالح العباد لا يتقيدون بهم على الإطلاق ، وإنما يتقيدون بالمصالح التي بعثوا بسببها ، فوقتا يعتبون مع كونهم في مصلحة مثل هذه الآية ، ومثل آية الأعمى ، ومن وجه آخر قيل في هذه الآية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم في حق الأعبد (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) أي وانظر فيهم صفة الحق ، فإنها مطلوبك في الكون ، فإني أدعو عبادي بالغداة والعشي وفي كل وقت ، أريد وجههم أي ذاتهم أن يسمعوا دعائي فيرجعوا إليّ (وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ) فإنهم ظاهرون بصفتي كما عرفتك (تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا) فهذه الزينة أيضا في هؤلاء وهي في الحياة الدنيا فهنا أيضا مطلوبك (وَلا تُطِعْ) فإنهم طلبوا منه صلىاللهعليهوسلم أن يجعل لهم مجلسا ينفردون به معه ، لا يحضره هؤلاء الأعبد ، فأجابهم حرصا على إيمانهم (مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا) أي جعلنا قلبه في غلاف فحجبناه عن ذكرنا ، فإنه إن ذكرنا علم أن السيادة لنا وأنه عبد ، فيزول عنه هذا الكبرياء ، والصفة التي ظهر بها التي عظمتها أنت لكونها صفتي وطمعت في إزالتها عن ظاهرهم ، فإني أعلمت أني قد طبعت على كل قلب متكبر جبار فلا يدخله كبر وإن ظهر به (وَاتَّبَعَ هَواهُ) أي غرضه الذي ظهر به (وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) أي ما هو نصب عينيه له وهو مشهود له ، لا يصرف نظره عنه إلى ما يقول له الحق على لسان