(أَفَلا يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً) (٨٩)
أي إذا سئل لا ينطق ، والله يكون متصفا بالقول (وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً) أي لا ينتفعون به ، ومن لا يدفع الضر عن نفسه كيف يدفع الضر عن غيره؟
(وَلَقَدْ قالَ لَهُمْ هارُونُ مِنْ قَبْلُ يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي) (٩٠)
(إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ) أي اختبرتم به لتقوم الحجة لله عليكم إذا سئلتم (وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ) ومن رحمته بكم أن أمهلكم ورزقكم مع كونكم اتخذتم إلها تعبدونه غيره سبحانه ، ثم قال لهم (فَاتَّبِعُونِي) لما علم أن في اتباعهم إياه الخير (وَأَطِيعُوا أَمْرِي) لكون موسى عليهالسلام أقامه فيهم نائبا عنه.
(قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى) (٩١)
(قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ) يريدون عبادة العجل (عاكِفِينَ) أي ملازمين (حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى) الذي بعث إلينا وأمرنا بالإيمان به ، فحجبهم هذا النظر أن ينظروا فيما أمرهم به هارون عليهالسلام ، فلما رجع موسى إلى قومه وجدهم قد فعلوا ما فعلوا ، فألقى الألواح من يده ، و: ـ
(قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (٩٢) أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي) (٩٣)
وأخذ برأس أخيه يجره إليه عقوبة له بتأنيه في قومه ، فناداه هارون عليهالسلام بأمه فإنها محل الشفقة والحنان.
(قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي) (٩٤)