ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً) الطفل مأخوذ من الطفل وهو ما ينزل من السماء من الندى غدوة وعشية ، وهو أضعف ما ينزل من السماء من الماء ، فالطفل من الكبار كالرش والوبل والسكب من أنواع نزول المطر ، ولما كان بهذا الضعف كان مرحوما أبدا ، (ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً) وذلك لأنه من عالم الطبيعة يتنوع ويستحيل باستحالاتها ، فالمواد التي حصل له منها هذا العلم استحالت ، فالتحقق العلم بها بحكم التبعية ، (وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً) فإن الأرض فراش (فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ) فإذا نكح الجو الأرض وأنزل الماء (اهْتَزَّتْ) تحركت ودبرت الماء في رحمها آثار الأنواء الفلكية ، (وَرَبَتْ) وهو الحمل فحملت شبه حمل المرأة (وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) فأولدها توأمين ، فضحكت الأرض بالأزهار ، وإنما كان زوجا من أجل ما يطلبه من النكاح ، إذ لا يكون إلا بين زوجين ، والمخلقة من النبات هو ما سلم من الجوائح ، وغير المخلقة ما نزلت به الجائحة ، والله على كل شيء قدير.
(ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٦) وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ) (٧)
إن الله لما خلق الإنسان خلقه مستقبلا الآخرة ، والساعة تستقبله ، ولذا سميت ساعة ، أي تسعى إليه.
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ) (٨)
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ) وهو ما أعطاه الدليل النظري دليل فكره (وَلا هُدىً) يعني ولا بيان أبان له كشفه ، (وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ) وهو ما وقع به التعريف مما هو الحق عليه من النعوت ، لما نزلت به الآيات من المعرفة بالله في كتبه المنزلة الموصوفة بأنها نور ليكشف بها ما نزلت به ، لما كان النور يكشف به ، فنفاهم عن تقليد الحق وعن التجلي والكشف وعن النظر العقلي ، ولا مرتبة في الجهل أنزل من هذه المرتبة ، ولهذا جاءت من الحق في معرض الذم يذم بها من قامت به هذه الصفة.