الظَّالِمِينَ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ (٥٣) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللهَ لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٥٤)
وصف الحق نفسه بأنه الهادي ، والهادي هو الذي يكون أمام القوم ليريهم الطريق ، وهو قوله : (إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) فتقدم تعالى الأشياء ليهديها إلى ما فيه سعادتها ، وتأخر عنها بقوله : (مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ) ، ليحفظها ممن يغتالها وهو العدم ، فإن العدم يطلبها كما يطلبها الوجود ، وهي في محل قابل للحكمين ليس في قوتها الامتناع إلا بلطف اللطيف.
(وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ) (٥٥)
العقيم ما يوجب أن لا يولد منه ، فلا تكون له ولادة على مثله ، وسمى اليوم عقيما لأنه لا يوم بعده أصلا ، وهو من يوم الأسبوع يوم السبت ، وهو يوم الأبد ، فنهاره نور لأهل الجنة دائم لا يزال أبدا ، وليله ظلمة على أهل النار لا يزال أبدا.
(الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٥٦) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا فَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (٥٧) وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (٥٨) لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ (٥٩) ذلِكَ وَمَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ إِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) (٦٠)
(لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ) ولو بعد حين (إِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) كل عاص ما اجترأ على الله إلا بما أشهده من نعوته تعالى ، من العفو والتجاوز والصفح والمغفرة وعموم الرحمة ولا سيما العفو.