(وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ) (٢٤)
فصدهم عن السبيل الذي هو قول الله وصراطه ، ولما كان الخبء النباتي تخرجه الشمس من الأرض بما أودع الله فيها من الحرارة ، ومساعدة الماء بما أعطى الله فيه من الرطوبة ، فجمع بين الحرارة ومنفعل البرودة ، حتى لا تستقل الشمس بالفعل ، فظهرت الحياة في الحي العنصري ، وكان الهدهد ـ دون الطير ـ قد خصه الله بإدراك المياه ، كان يرى للماء السلطنة على بقية العناصر تعظيما لنفسه ، وحماية لمقامه ، حيث اختص بعلمه ليشهد له بالعلم بأشرف الأشياء ، حيث كان العرش المستوي عليه الرحمن على الماء ، فكان الهدهد يحامي عن مقامه ، ووجد قوما يعبدون الشمس ، وهي على النقيض من طبع الماء ، الذي جعل الله منه كل شيء حي ، وعلم أنه لو لا حرارة الشمس ما خرج الخبء ، وأنها مساعدة للماء ، فأدركته الغيرة في المنافر فوشى إلى سليمان عليهالسلام بعابديها ، وزاد للتغليظ بقوله : (مِنْ دُونِ اللهِ) ينبه على موضع الغيرة ، والشمس وإن أخرجت خبء الأرض بحرارتها ، فهي تخبأ الكواكب بإشراقها ، وتظهر المحسوسات الأرضية بشروقها ، فلها حالة الخبء والإظهار ، وبها حد الليل والنهار ، فزاحمت من يخرج الخبء في السموات والأرض ، ويعلم ما يخفون وما يعلنون ، فابتلى الله الماء فأصبح غورا ، وابتلى الشمس فأمست آفلة ، وفجر العيون فأظهر خبء الماء ، وفار التنور فأظهر خبء الشمس ، فأخرج الخبء في السموات والأرض فقال الهدهد.
(أَلاَّ يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ) (٢٥)
يقول إن الشمس التي يسجدون لها ، وإن اعتقدوا أنها تعلم ما يعلنون ، فالسجود لمن يعلم ما يخفون وما يعلنون أولى ، ثم إنهم يسجدون للشمس لكونها تخرج لهم بحرارتها ما خبأت الأرض من النبات ، فقال الله لهم : ينبغي لكم أن تسجدوا للذي يخرج الخبء في