الاعتدال والثبات والسكون ، غير أن لهم سرعة الحركات في الباطن في كل نفس (وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ).
(مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ (٨٩) وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٩٠) إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (٩١)
قال صلىاللهعليهوسلم : [إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة] وخرج مسلم عن أبي هريرة أن خزاعة قتلوا رجلا من بني ليث عام فتح مكة بقتيل منهم فقتلوه ، فأخبر بذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فركب راحلته ، فخطب فقال : [إن الله حبس عن مكة الفيل ، وسلط عليها رسوله والمؤمنين ، ألا وإنها لا تحل لأحد قبلي ، ولن تحل لأحد بعدي ، ألا وإنها أحلت لي ساعة من نهار ، ألا وإنها ساعتي هذه ، وهي حرام ، لا يخبط شوكها ، ولا يعضد شجرها ، ولا يلقط ساقطتها ، إلا لمنشد ، ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين ، إما أن يعطى يعني الدية ، وإما أن يقاد أهل الفتيل] ـ الحديث ـ فمكّة حمى الله وحرمه ، ولا موجود أعظم من الله ، فلا حمى ولا حرم أعظم من حرم الله ولا حماه في الأماكن ، فإن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس.
(وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ) (٩٢)
اعلم أن التالي إنما سمي تاليا لتتابع الكلام بعضه بعضا ، وتتابعه يقضي عليه بحرف الغاية ، وهما من وإلى ، فينزل من كذا إلى كذا ، ولما كان القلب من العالم الأعلى قال تعالى فيه (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ) وكان اللسان من العالم الأنزل ، والحرف من عالم اللسان ،