تعالى في وحيه هذا إلى أم موسى عليهالسلام عند الخوف أن تلقيه من يدها وتخرجه عن حفظها ، فإن الله تعالى يتولاه بحفظه ويبقيه برحمته ، ألا ترى إلى قوله تعالى (حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا) الآية ، فعند زعم القدرة عليها أخذت وزالت.
(فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ (٨) وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (٩)
(وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ) فبه قرت عينها بالكمال الذي حصل لها ، وكان قرة عين لفرعون بالإيمان الذي أعطاه الله عند الغرق (لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا) وكذلك وقع ، فإن الله نفعهما به عليهالسلام.
(وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (١٠)
(وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً) من الهم الذي أصابها ، فإن الله عصمه من فرعون.
(وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١١) وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ) (١٢)
(وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ) ثم إن الله حرم عليه المراضع حتى أقبل على ثدي أمه فأرضعته ، ليكمل الله لها سرورها به.