عنها راحلا ، فهي جسر منصوب على بحر الهلاك ، وميدان موضوع لمصارع الهلّاك ، كم أبادت من القرون الماضية ، والأمم الخالية ، والجبابرة المتألهين الطاغية ، والفضلاء والحكماء ، والأدباء والعقلاء ، والأولياء والأنبياء ، فهل ترى لهم من باقية؟ وأنت على قارعة مذهبهم ، وعن قريب تلحق بهم ، فإما إلى نعيم في دار الخلود بجوار الصمد ، وإما إلى عذاب الأبد (هُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) فاجهد في تحصيل أدوات البقاء والنجاة ، فإن الدنيا متاع قليل والآخرة خير لمن اتقى ، والعارية مردودة ، وأعمالك بين يديك موجودة غير مفقودة ، في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة ، ولا علانية ولا سريرة (والله يعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون) فالسعادة كل السعادة في المحافظة على الأمور الشرعية ، والقيام بالحدود الوضعية.
(وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (١٢) وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ (١٣) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (١٤) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (١٥) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ (١٦) فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ) (١٧)
فجمع الصلوات الخمس في هذه الآية قال تعالى : (وسبحوه) آي صلوا له (بُكْرَةً وَعَشِيًّا).
(وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ) (١٨)
(وَلَهُ الْحَمْدُ) أي الثناء المطلق في السموات والأرض.
(يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها