كلفك الإتيان به آكد في حقك أن تأتي به ، لافتقارك وحاجتك لما يحصل لك من المنفعة بذلك.
(يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٧) وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) (١٨)
فإنه لا يظهر بهذه الصفة إلا من هو جاهل ، فإنه لا يخلو أن يفتخر على مثله أو على ربه وخالقه ، فإن افتخر على مثله فقد افتخر على نفسه ، والشيء لا يفتخر على نفسه ، ففخره واختياله جهل ، ومحال أن يفتخر على خالقه ، لأنه لا بد أن يكون عارفا بخالقه أو غير عارف بأن له خالقا ، فإن عرف وافتخر عليه فهو جاهل بما ينبغي أن يكون لخالقه من نعوت الكمال ، وإن لم يعرف كان جاهلا ، فما أبغضه الله إلا لجهله ، فإن الجهل مذموم.
(وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (١٩) أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ) (٢٠)
(أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ) من ملك وكوكب سابح في فلك ، فمن الملائكة الموكل بالوحي والإلقاء ، ومنهم الموكل بالأرزاق ، ومنهم الموكل بقبض الأرواح ، ومنهم الموكل بإحياء الموتى ، ومنهم الموكل بالاستغفار للمؤمنين والدعاء لهم ، ومنهم الموكلون بالغراسات في الجنة جزاء لأعمال العباد ، (وَما فِي الْأَرْضِ) وما بينهما من الخلق جميعا منه ، قال تعالى في سورة الجاثية (وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً