لما ادّعي في رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه أبو زيد بن حارثة ، نفى الله تعالى عنه أن يكون أبا لأحد من رجالنا ، لرفع المناسبة وتمييزا للمرتبة ، ففصل بينه وبينهم بالرسالة والختم ، ألا تراه صلىاللهعليهوسلم ما عاش له ولد ذكر من ظهره تشريفا له ، لكونه سبق في علم الله أنه خاتم النبيين. ـ أولاده صلىاللهعليهوسلم : الذكور منهم : القاسم ، وبه كان يكنّى ، ثم الطيب ، ثم الطاهر ، وعبد الله ، وجميع أولاده عليهمالسلام من خديجة رضي الله عنها ، غير سيدنا ابراهيم عليهالسلام فأمه مارية القبطية ، سريته صلىاللهعليهوسلم (وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) فثبت بهذه الآية أن محمدا صلىاللهعليهوسلم آخر الأنبياء ، قال صلىاللهعليهوسلم : [كنت نبيا وآدم بين الماء والطين] فبطن كونه خاتم النبيين في هذا الحديث ، وكان من ظهوره نبيا وآدم بين الماء والطين أن استفتح به مراتب البشر ، فقال [أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر] وختم الله به النبيين بعد بعثته صلىاللهعليهوسلم ببشريته ، فظهر كونه خاتم النبيين بقوله : [إنّ الرسالة والنبوة قد انقطعت فلا نبي بعدي ولا رسول] يعني أن الرسالة ـ وهي البعثة إلى الناس بالتشريع لهم ـ والنبوة قد انقطعت ، أي ما بقي من يشرع له من عند الله حكم يكون عليه ليس هو شرعنا الذي جئنا به ، فلا رسول بعدي يأتي بشرع يخالف شرعي إلى الناس ، ولا نبي فلا نبوة تشريع بعده ولا نبي يكون على شرع ينفرد به عند ربه يكون عليه ، فصرح أنه خاتم نبوة التشريع ، ولو أراد غير ما ذكرناه لكان معارضا لقوله : [إن عيسى عليهالسلام ينزل فينا حكما مقسطا يؤمنا بنا] أي بالشرع الذي نحن عليه ، ولا نشك فيه أنه رسول ونبي ، فعلمنا أنه صلىاللهعليهوسلم أراد أنه لا شرع بعده ينسخ شرعه ، ودخل بهذا القول كل إنسان في العالم من زمان بعثته إلى يوم القيامة ، فإن كان عيسى عليهالسلام بعده ، وهو من أولي العزم والرسل وخواص الأنبياء ولكن زال حكمه عن هذا المقام لحكم الزمان عليه الذي هو لغيره ، فينزل فينا وليا وارثا خاتما ذا نبوة مطلقة ، يشركه فيها الأولياء المحمديون ، قد حيل بينه وبين نبوة التشريع والرسالة ، ولا ولي بعده أي عيسى عليهالسلام بنبوة مطلقة ، كما أن محمدا صلىاللهعليهوسلم خاتم النبوة نبوة التشريع خاصة.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً) (٤١)
أي في كل حال.
فالحمد لله الذي قد وقى |
|
من شر ما يمكن أن يحذرا |