يس ، فلا غيب أكمل من غيب الإنسان وهو على صورة موجده ، فلما أبرزه الله للوجود ، أبرزه على الاستقامة وأعطاه الرحمة ، ففتح به مغاليق الأمور علوا وسفلا ، فأمد الأمثال بذاته ، وأمد غير الأمثال بمثله.
(وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (٢) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٣) عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤) تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (٥) لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ (٦) لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٧) إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (٨) وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (٩) وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (١٠)
وذلك لأنهم قالوا (سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ) فكأن الله حكى لنبيه صلىاللهعليهوسلم وعرفه بأن حالهم ما ذكروه عن نفوسهم.
(إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (١١) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) (١٢)
(وَكُلَّ شَيْءٍ) له شيئية وجودية (أَحْصَيْناهُ) فإن الإحصاء لا يكون إلا في الموجود (فِي إِمامٍ مُبِينٍ) ـ الوجه الأول ـ فقوله تعالى : أحصيناه ، دليل على أنه ما أودع في الإمام المبين إلا علوما متناهية ، والإمام المبين هو اللوح المحفوظ الحاوي على المحو والإثبات ، فكل شيء فيه ، وكاتبه القلم الأعلى ، ثم تنزل الكتبة مراتبها في الديوان الإلهي ، فاللوح