أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ) (١٥٣)
جعلت هذه الطائفة لله ما يكرهون ، فقالوا الملائكة بنات الله ، فحكموا عليه بأنه اصطفى البنات على البنين ، فتوجه عليهم الحكم بالإنكار في حكمهم ، مع كونهم يكرهون ذلك لنفوسهم.
(ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (١٥٤) أَفَلا تَذَكَّرُونَ (١٥٥) أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ (١٥٦) فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٥٧) وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) (١٥٨)
يعني بالجنة هنا الملائكة ، فإن الله تعالى لما خلق الأرواح النورية والنارية أعني الملائكة والجان ، شرّك بينهما في أمر وهو الاستتار عن أعين الناس ، مع حضورهم معهم في مجالسهم وحيث كانوا ، ولهذا سمى الله الطائفتين من الأرواح جنا ، أي مستورين عنا فلا نراهم ، فقال تعالى في الذين قالوا إن الملائكة بنات الله (وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً) والجنة من الملائكة هم الذين يلازمون الإنسان ويتعاقبون فينا بالليل والنهار ولا نراهم عادة ، وإذا أراد الله عزوجل أن يراهم من يراهم من الإنس من غير إرادة منهم لذلك ، رفع الله الحجاب عن عين الذي يريد الله أن يدركهم ، فيدركهم ، وقد يأمر الله الملك والجن بالظهور لنا فيتجسدون لنا فنراهم ، أو يكشف الله الغطاء عنا فنراهم رأي العين ، فقد نراهم أجسادا على صور ، وقد نراهم لا على صور بشرية بل نراهم على صور أنفسهم (وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) الجنة هنا قد تكون الملائكة والشياطين ، فإن الملائكة رسل من الله إلى الإنسان موكلون به ، حافظون كاتبون أفعالنا ، والشياطين مسلطون على الإنسان بأمر الله ، فهم مرسلون إلينا من الله.
(سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٥٩) إِلاَّ عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٠) فَإِنَّكُمْ وَما