(وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (٣٧) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ) (٣٨)
ثم قال تعالى لسليمان عليهالسلام إتماما لنعمته عليه.
(هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ) (٣٩)
(هذا عَطاؤُنا) ولم يقل لك ولا لغيرك (فَامْنُنْ) أي أعط (أَوْ أَمْسِكْ) فرفع عنه الحجر في التصريف بالاسم المانع والمعطي ، وما حجب هذا الملك سليمان عليهالسلام عن ربه عزوجل ، أما قوله تعالى (بِغَيْرِ حِسابٍ) يعني لست محاسبا عليه ، ولله عباد سليمانيون يقول الله لهم : (هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ) وهم سبعون ألفا في هذه الأمة ، قد نعتهم النبي صلىاللهعليهوسلم في الخبر الصحيح ، وعكاشة منهم بالنص عليه.
(وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ) (٤٠)
(وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا) يعني في الآخرة (لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ) أي ما ينقصه هذا الملك من ملك الآخرة شيء ، كما يفعله مع غيره حيث أنقصه من نعيم الآخرة على قدر ما تنعم به في الدنيا ، قال تعالى في حق قوم (أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها).
(وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ (٤١) ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ) (٤٢)
(ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ) يعني ماء (بارِدٌ) لما كان عليه من فرط حرارة الألم ، فسكّنه الله ببرد الماء (وَشَرابٌ) لإزالة العطش الذي هو من النصب والعذاب الذي مسه به الشيطان ركض أيوب برجله عن أمر ربه ، فأزال بتلك الركضة آلامه ، ونبع الماء الذي هو سر الحياة السارية في كل حي طبيعي ، فمن ماء خلق ، وبه بريء ، فجعله رحمة له ، وهو قوله تعالى.