قال الخضر لموسى عليهالسلام : أنا على علم علمنيه الله لا تعلمه أنت ، وأنت على علم علمكه الله لا أعلمه أنا.
(قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) (٦٧)
ثم أنصفه في العلم وقال له : يا موسى أنا على علم ... الحديث ـ.
(وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً) (٦٨)
الخبر الذوق ، وهو علم حال لأنه وحي خاص إلهي ، ليس للملك فيه وساطة من الله ، فإن وحي الرسل إنما هو بالملك بين الله وبين رسوله ، فلا خبر له بهذا الذوق في عين إمضاء الحكم في عالم الشهادة ، فما تعود الأرسال لتشريع الأحكام الإلهية في عالم الشهادة إلا بواسطة الروح الذي ينزل به على قلبه أو في تمثله ، لم يعرف الرسول الشريعة إلا على هذا الوصف لا غير الشريعة ، فإن الرسول له قرب أداء الفرائض والمحبة عليها من الله ، وما تنتج له تلك المحبة ، وله قرب النوافل ومحبتها وما يعطيه محبتها ، ولكن من العلم بالله لا من التشريع وإمضاء الحكم في عالم الشهادة ، فخرق الخضر السفينة وقتل الغلام حكما ، وأقام الجدار مكارم أخلاق عن حكم أمر إلهي ، فلم يحط موسى عليهالسلام به خبرا من هذا القبيل ، فهذا القدر الذي اختص به خضر دون موسى عليهالسلام ، فلما علم الخضر أن موسى عليهالسلام ليس له ذوق في المقام الذي هو الخضر عليه ، قال الخضر لموسى عليهالسلام (وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً) ، لأنه كان في مقام لم يكن لموسى عليهالسلام في ذلك الوقت الذي نفاه عنه العدل بقوله ، وتعديل الله إياه بما شهد له به من العلم ، مع كون موسى عليهالسلام كليم الله ، وكما أن الخضر ليس له ذوق فيما هو موسى عليه من العلم الذي علمه الله ، إلا أن مقام الخضر لا يعطي الاعتراض على أحد من خلق الله ، لمشاهدة خاصة هو عليها ، ومقام موسى والرسل يعطي الاعتراض من حيث هم رسل لا غير ، في كل ما يرونه خارجا عما أرسلوا به ، ودليل ما ذهبنا إليه في هذا قول الخضر لموسى عليهالسلام (وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً) ، فلو كان الخضر نبيا لما قال له (ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً) فالذي فعله لم يكن من مقام النبوة ، وقال له في انفراد كل واحد منهما بمقامه الذي هو عليه [يا