(إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) فلتتبعه في كل شيء لأن الله يقول : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) ما لم يخصص شيئا من ذلك بنهي عن فعله ، وقال صلىاللهعليهوسلم : [صلوا كما رأيتموني أصلي] وقال في الحج [خذوا عني مناسككم] وإن حججت فإن قدرت على الهدي فادخل به محرما بالحج أو العمرة ، وإن حججت مرة أخرى فادخل أيضا إن قدرت على الهدي محرما بالحج ، وإن لم تجد هديا فاحذر أن تدخل محرما بالحج ، ولكن ادخل متمتعا بعمرة مفردة ، فإذا طفت وسعيت فحل من إحرامك الحل كله ، ثم بعد ذلك أحرم بالحج وانسك نسيكة كما أمرت ، واعزم على أن لا تخلّ بشيء من أفعاله وما ظهر من أحواله مما أبيح لك من ذلك ، والتزم آدابه كلها جهد الاستطاعة ، لا تترك شيئا من ذلك إذا ورد مما أنت مستطيع عليه ، فإن الله ما كلفك إلا وسعك ، فابذله ولا تترك منه شيئا ، فإن النتيجة لذلك عظيمة لا يقدر قدرها ، وهي محبة الله إياك ، وقد علمت حكم الحب من المحب ـ الحديث ـ وأما الورث المعنوي فما يتعلق بباطن الأحوال من تطهير النفس من مذام الأخلاق وتحليتها بمكارم الأخلاق ، وما كان عليه صلىاللهعليهوسلم من ذكر ربه على كل أحيانه ، وليس إلا الحضور والمراقبة لآثاره سبحانه في قلبك وفي العالم ، فلا يقع في عينك ولا يحصل في سمعك ولا يتعلق بشيء قوة من قواك ، إلا ولك في ذلك نظر واعتبار إلهي ، تعلم موقع الحكمة الإلهية في ذلك ، فهكذا كان حال رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيما روت عنه عائشة ، وكذلك إن كنت من أهل الاجتهاد في الاستنباط للأحكام الشرعية ، فأنت وارث نبوة شرعية ، فإنه تعالى قد شرع لك في تقرير ما أدى إليه اجتهادك ودليلك من الحكم ، أن تشرعه لنفسك وتفتي به غيرك إذا سئلت ، وإن لم تسأل فلا ، فإن ذلك أيضا من الشرع الذي أذن الله لك فيه ، ما هو من الشرع الذي لم يأذن به الله ، ومن الورث المعنوي ما يفتح عليك به من الفهم في الكتاب وفي حركات العالم كله ، فالرسول صلىاللهعليهوسلم ما بعثه الله تعالى إلا ليتمم مكارم الأخلاق ، فأحواله كلها مكارم أخلاق ، فهو مبين لها بالحال وهو أتم وأعدل وأمضى في الحكم من القول :.
(وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَما زادَهُمْ إِلاَّ إِيماناً وَتَسْلِيماً (٢٢) مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا