فإنما ينسب إليهم من حيث اعتقاد الذي ينسبه ، لأنه رجس بالنسبة إليه ، وذلك الفعل عينه ارتفع حكم الرجس عنه في حق أهل البيت ، فطهر الله سبحانه نبيه صلىاللهعليهوسلم بالمغفرة من الذنوب ودخل الشرفاء أولاد فاطمة كلهم ومن هو من أهل البيت مثل سلمان الفارسي إلى يوم القيامة في حكم هذه الآية من الغفران ، فهم المطهرون اختصاصا من الله وعناية بهم ، لشرف محمد صلىاللهعليهوسلم وعناية الله به ، ولا يظهر حكم هذا الشرف لأهل البيت إلا في الدار الآخرة ، فإنهم يحشرون مغفورا لهم ، وأما في الدنيا فمن أتى منهم حدا أقيم عليه ، وينبغي لكل مسلم مؤمن بالله وبما أنزله أن يصدق الله تعالى في قوله : (لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) فأخبر الله تعالى أنه طهرهم وأذهب عنهم الرجس ، وخبره صدق ، وهذا يدل على عصمة أهل البيت في حركاتهم ، وحفظ الله لهم في ذلك ، وليس ذلك لغيرهم ، فيعتقد في جميع ما يصدر من أهل البيت أن الله قد عفا عنهم فيه ، فلا ينبغي لمسلم أن يلحق المذمة بهم ، ولا ما يشنأ أعراض من قد شهد الله بتطهيره وذهاب الرجس عنه ، لا بعمل عملوه ولا بخير قدموه ، بل سابق عناية من الله بهم ، فبالنسبة لحقوقنا وما لنا أن نطالبهم به ، فنحن مخيرون إن شئنا أخذنا وإن شئنا تركنا ، والترك أفضل عموما ، فكيف في أهل البيت؟ فإذا نزلنا عن طلب حقوقنا وعفونا عنهم في ذلك ، أي فيما أصابوا منا كانت لنا بذلك عند الله اليد العظمى والمكانة الزلفى ، فإن النبي صلىاللهعليهوسلم ما طلب منّا عن أمر الله إلا المودة في القربى ، وفيه سر صلة الرحم ، ومن لم يقبل سؤال نبيه فيما سأل فيه مما هو قادر عليه بأي وجه يلقاه غدا أو يرجو شفاعته؟ وهو ما أسعف نبيه صلىاللهعليهوسلم فيما طلب منه من المودة في قرابته ، فكيف بأهل بيته؟ فهم أخصّ قرابته ، وأرجو أن يكون عقب علي بن أبي طالب وسلمان تلحقهم العناية كما ألحقت أولاد الحسن والحسين وعقبهم وموالي أهل البيت لقوله صلىاللهعليهوسلم : [مولى القوم منهم] فإن رحمة الله واسعة واعلم أن الشياطين ألقت إلى أهل البدع والأهواء أصلا صحيحا لا يشكون فيه ، ثم طرأت عليهم التلبيسات من عدم الفهم حتى ضلوا ، وأكثر ما ظهر ذلك في الشيعة ولا سيما الإمامية منهم ، فدخلت عليهم شياطين الجن أولا بحب أهل البيت واستفراغ الحب فيهم ، ورأوا أن ذلك من أسنى القربات إلى الله ، وكذلك هو ، لو وقفوا ولا يزيدون عليه ، إلا أنهم تعدوا من حب أهل البيت إلى طريقين : منهم من تعدّى إلى بغض الصحابة وسبهم حيث لم يقدموهم ، وتخيلوا أن أهل البيت أولى بهذه المناصب