الدنيوية ، فكان منهم ما قد عرف واستفاض ، وطائفة زادت إلى سب الصحابة القدح في رسول الله صلىاللهعليهوسلم وفي جبريل عليهالسلام وفي الله جل جلاله ، حيث لم ينصوا على رتبتهم وتقديمهم في الخلافة ، حتى أنشد بعضهم [ما كان من بعث الأمين أمينا] وهذا كله واقع من أصل صحيح ، وهو حبّ أهل البيت ، أنتج في نظرهم فاسدا فضلوا وأضلوا ، فانظر ما أدى إليه الغلو في الدين ، أخرجهم عن الحدّ فانعكس أمرهم إلى الضد ـ إشارة ـ إذا كانت عناية الله بأهل البيت النبوي المحمدي كما ذكر الله في كتابه لنا ، فما ظنك بأهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته؟ وأقل الأهلية في ذلك حمل حروفه محفوظة في الصدور ، فإن تخلّق بما حمل وتحقق به وكان من صفاته فبخ على بخ ، ومن عناية الله تعالى بسلمان الفارسي أن قال فيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [سلمان منّا أهل البيت] وإذا كانت منزلة مخلوق عند الله بهذه المثابة بأن يشرف المضاف إليهم بشرفهم ، وشرفهم ليس لأنفسهم ، وإنما الله تعالى هو الذي اجتباهم وكساهم حلة الشرف ، كيف يا ولي بمن أضيف إلى من له الحمد والمجد والشرف لنفسه وذاته؟ فهو المجيد سبحانه وتعالى ، فالمضاف إليه من عباده الذين هم عباده ، وهم الذين لا سلطان لمخلوق عليهم في الآخرة ، وما تجد في القرآن عبادا مضافين إليه سبحانه إلا السعداء خاصة ، وجاء اللفظ في غيرهم بالعباد ، فما ظنك بالمعصومين المحفوظين منهم القائمين بحدود سيدهم الواقفين عند مراسمه؟ فشرفهم أعلى وأتم.
(وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً) (٣٤)
من أوتي الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ، وكان الله به لطيفا خبيرا ، لطيفا من حيث أنه علّمه من حيث لم يعلم فعلم ، وما علم أن الله هو المعلم ، ثم اختبره فكان خبيرا ، وكان الله على كل شيء قديرا ، فمن سأل الحكمة ، فقد سأل النعمة ، ومن أعطي الحكمة ، فقد أوتي الرحمة ، فإن سرمد العذاب بعد ذلك هذا المالك ، فما هو ممّن عمت وجوده الرحمة ، ولا كان من أهل الحكمة ، فإن قال بالرجوع إليها ، وحكم بذلك عليهم وعليها ، فذلك الحكيم العليم ، المسمى بالرؤوف الرحيم ، وهو الشديد العقاب ، لأنه لشدته في ذلك أعقب أهل النار حسن المآب.