لا في دخول الجنة ، لأنه ما ثمّ دار ثالثة ، إنما هي جنة أو نار ، وذلك أنه إن سأل في دخول الجنة لا غير فإن الله يقبل سؤاله فيه ، ولكن قد يرى في الطريق أهوالا عظاما ، فلهذا ينبغي أن تكون شفاعة المصلي في أن ينجي الله من صلى عليه مما يحول بينه وبين العافية واستصحابها له ، فإن ذلك أنفع في حق الميت ، والله أسأل لنا ولإخواننا إذا جاء أجلنا أن يكون المصلي علينا عبدا محبوبا عند ربه ، يكون الحق سمعه وبصره ولسانه ، لنا ولإخواننا وأولادنا وآبائنا وأهلينا ومعارفنا وجميع المسلمين من الجن والإنس ، آمين بعزته وكرمه. واعلم أيدنا الله وإياك بروح منه أن الملائكة أرواح في أنوار أو لو أجنحة ، وأن نزول الوحي على قلوب الملائكة ، والقلب هو المدبر للجسد ، فاشتغل القلب بما نزل إليه ليتلقاه فغاب عن تدبير بدنه ، فسمي بذلك غشيا وصعقا ، فإذا تكلم الله بالوحي على صورة خاصة وتعلقت به أسماعهم كأنه سلسلة على صفوان ، وهو وحي إجمالي ، وقد أخبر النبي صلىاللهعليهوسلم عن الملائكة في طريان هذا الحال فقال : [إن الملائكة إذا تكلم الله بالوحي كأنه سلسلة على صفوان ، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا ـ أي لهذا التشبيه ـ فتصعق الملائكة ، وهو أشد الوحي ، فيصعقون ما شاء الله ثم ينادون فيفيقون] وهو قوله تعالى في حقهم : (حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) وهو إفاقتهم من صعقتهم ، وهنا يقع التفصيل فيما أجمل ، فأخبر الله عنهم ـ الوجه الأول ـ (قالُوا ما ذا قالَ رَبُّكُمْ) وهنا وقف ، فيقول بعضهم لبعض وهو قوله تعالى (قالُوا الْحَقَّ) وهو من قول الملائكة. ـ الوجه الثاني ـ (قالُوا ما ذا)؟ وهنا وقف ، فاستفهموا بعد صعقتهم أي يقول بعضهم لبعض (ما ذا)؟ (قالَ) أي فيقول بعضهم أو قال القائل : (رَبُّكُمْ) وهنا وقف ، إعلاما بأن كلامه عين ذاته ، فيقول بعضهم وهو قوله : (قالُوا) لهذا القائل (الْحَقَّ) أي الحق يقول ، بالنصب ، أي قال الحق كذا علمناه ـ الوجه الثالث ـ لما أفاقوا وزال الخطاب الإجمالي المشبه وزالت البديهة (قالُوا ما ذا؟) وهنا وقف ، ثم يجيبهم فقال لهم : (رَبُّكُمْ) وهو قوله : (قالَ رَبُّكُمْ) ، فما صعقوا عند هذا القول بل ثبتوا و (قالُوا الْحَقَّ) أي قال الحق ، أي قال ربنا القول الحق ، يعنون ما فهموه من الوحي أو قوله (قالَ رَبُّكُمْ) أو هما معا وهو الصحيح (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) ـ الوجه الأول ـ أن يكون هذا من قول الملائكة قالوا (وَهُوَ الْعَلِيُّ) عن هذا النزول (الْكَبِيرُ) عن هذا التشبيه في هذه النسبة ، وهي كسلسلة على صفوان ، أي (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) عن هذا