ضمن ستة أشخاص سماها بالشورى (١) ، فصغى رجل لضغنه ومال الآخر لصهره على حدّ تعبير مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام ، فكيف تنسب الفطانة إلى الشيخين وعائشة دون النبي الذي لا يفعل إلا عن وحي ، ولا يحكم إلا بوحي ، هيهات هيهات أن يكون من النبي الحكيم مثل هذا التشريع ، وكيف يخفى عليه ضرره ، ولا يخفى على عائشة وهؤلاء يوم أوصوا أن لا تترك أمة محمد بلا راع؟!!
سابعا : إنّ إيكال الاستخلاف للأمة أمر لم يقم عليه دليل ، فهو بالغض عن مخالفته للنص ، لكنه بحدّ ذاته لم يكن قائما على الأسس الموضوعية ، بحيث يختار على ضوئها المستخلف من يستخلفه لحيازته على الشروط المعتبرة في القيادة والإمامة كالمؤهلات العلمية والسلوكية والقدرة على الإدارة ، والتجسيد الكامل لمفهوم القدوة ، وإنما كان ـ هذا الاستخلاف ـ متأثرا بالوضع النفسي للمستخلف وعلاقته بالمستخلف معه في العاطفة والسلوك والمصالح والطموحات ، فمثلا كان استخلاف أبي بكر لعمر بن الخطاب ردا للجميل الذي حباه به الأول كما تنبأ بذلك أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام حينما قال له عمر : «لست متروكا حتى تبايع» فأجابه عليهالسلام :
«احلب حلبا لك شطره ، واشدد له اليوم أمره يردده عليك غدا» (٢).
وقال الإمام عليهالسلام في موضع آخر يصف فيه عهد أبي بكر إلى عمر : «فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى ، فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجا ، أرى تراثي
__________________
(١) روى ابن قتيبة الدينوري في الإمامة والسياسة ص ٤١ : أن عمر بن الخطاب لمّا أحس بالموت قال لابنه : اذهب إلى عائشة واقرئها مني السلام ، واستأذنها أن أقبر في بيتها مع رسول الله ومع أبي بكر ، فأتاها عبد الله بن عمر فأعلمها ، فقالت : نعم وكرامة ، ثم قالت : يا بني أبلغ عمر سلامي وقل له : لا تدع أمة محمد بلا راع ، استخلف عليهم ولا تدعهم بعدك هملا ، فإني أخشى عليهم الفتنة ..» يا سبحان الله صارت عائشة وغيرها أحرص على أمة الإسلام أكثر من النبي محمد (ص)؟! احكم أيها القارئ بعين الإنصاف.
(٢) الإمامة والسياسة ص ٢٩ ط / الرضي ، قم ، تحقيق علي شيري.