فمنطق أصحاب السقيفة لا يعرف سوى القوة لفرض آرائه على الناس ، فما قرّره الشيخان في مؤتمر السقيفة يجب أن ينفّذ حتى لو كان فاقدا للشرعية من حيث ترتبه على موقف مخالف وهو التخلف عن جيش أسامة ، بالإضافة إلى معارضته من قبل أعداد كبيرة من أجلّة الصحابة.
فيروي المؤرخون أن بني هاشم لما انعقدت البيعة بالقهر لأبي بكر اجتمعت حول الإمام عليّ عليهالسلام ومعهم الزبير بن العوام وكانت أمه صفية بنت عبد المطلب ، وإنما كان يعد نفسه من بني هاشم ، وكان الإمام عليّ عليهالسلام يقول : ما زال الزبير منا حتى نشأ بنوه ، فصرفوه عنا (١) ، واجتمعت بنو أمية على عثمان ، واجتمعت بنو زهرة إلى سعد وعبد الرحمن بن عوف ، فكانوا في المسجد الشريف مجتمعين فلمّا أقبل عليهم أبو بكر وأبو عبيدة وقد بايع الناس أبا بكر ، فقام عثمان ومن معه من بني أمية فبايعوه ، وقام بنو زهرة فبايعوا ، وأمّا الإمام عليّ عليهالسلام والعبّاس بن عبد المطلب ومن معهما من خيرة أصحابهما وبني هاشم فانصرفوا إلى رحالهم ومعهم الزبير بن العوام ، فذهب إليهم في عصابة فيهم أسيد بن حضير وسلمة بن أسلم ، فقالوا : انطلقوا فبايعوا أبا بكر ، فأبوا ، فخرج الزبير بن العوام بالسيف ، فقال عمر : عليكم بالرحيل فخذوه فوثب عليه سلمة بن أسلم فأخذ السيف من يده فضرب به الجدار (٢).
وما جرى على الزبير من بطش عمر كان في منزل الإمام علي عليهالسلام عند ما همّوا بإحراقه ، ففي نصّ عن مروان بن عثمان قال :
لما بايع الناس أبا بكر ، دخل الإمام علي عليهالسلام والزبير والمقداد بيت الصدّيقة فاطمةعليهاالسلام وأبو أن يخرجوا فقال عمر بن الخطاب : اضرموا عليهم
__________________
(١) وفي لفظ آخر قال عليهالسلام : «ما زال الزبير رجلا منّا أهل البيت حتى شبّ عبد الله» ، لذا لمّا ظفر به يوم الجمل صفح عنه وقال : «اذهب فلا أرينّك» ، لم يزده على ذلك. انظر : شرح النهج ج ١ / ٢٧ باب لمع يسيرة من فضائل الإمام عليّ عليهالسلام.
(٢) الإمامة والسياسة / الدينوري ص ٢٨.