فتاريخنا ليس معصوما حتى يحرم على طالب الحقيقة أن يغور في أعماقه (أقصد بغور أعماقه الكشف عن زيف بعض المنافقين الذين تستروا بصحبتهم لرسول الله وادعائهم الخلافة لأنفسهم) وينقد معاصريه ، الذين شوّهوا صورته وحرّفوا وجهته.
وما هذه المقالة إلّا من مبتدعات بعض القيّمين على مدرسة الشّيخين حيث سيطروا على وعي الأمّة بإبعاد أقوامهم من اتّباع مدرسة الإمام عليّ عليهالسلام ، والاطلاع على معتقداتها التي هي معتقدات الإسلام ، ولو تصفّح الباحث «بإنصاف» كتب العامّة فلا يجد إلا التهجم والافتراء على الشيعة وكأنّ في آذانهم وقرا وبيننا وبينهم حجاب. وها هو أحد من عرفوا الحقّ وانصاعوا له يقول :
«أنا السّنّي المنشأ لم أكن أجد في بيئتنا ما يعرّف بالشيعة تعريفا حقيقيا ، وكل مذهب من مذاهب الدنيا تستطيع الإحاطة به في بيئتنا سوى الشيعة ، فإنّ مصادر الوهّابية عليهم أقوى من «جدار برلين» ، نعم قد كنّا نعلم أنّ الشيعة أصحاب طريقة غريبة عن كل البشر وأنّ أشكالهم ربّما لها ـ أيضا ـ بعض الخصوصيات ، وأن يكون تصوّر الناس للشيعة على أنهم أصحاب أذناب البقر كما أشار آل كاشف الغطاء ليس مبالغة منه ، وحال الأمة كذلك ، لقد تعجّب الشّاميّ وهو يسمع أنّ الإمام عليا عليهالسلام قتل بالمحراب ، فقال : «أو عليّ يصلّي؟!) (١).
وجرى لي مثل ذلك مع أحد علماء الوهّابية في الحجّ حيث قال لي : أنتم الشيعة تصلّون؟!
انظر إلى أمثال هؤلاء كيف أعمت العصبية قلوبهم ونخرت عقولهم ، وما
__________________
(١) لقد شيّعنى الحسين ، للكاتب والصحافي المغربي إدريس الحسيني ، ص ٢٤.