وقد حاول علي بن عبد الله بن عباس صده وردعه عن ذلك ، ومن وسائله التي اتخذها معه أنه كان يوثقه على الكنيف ليرتدع عن الكذب على أبيه ، يقول عبد الله بن أبي الحرث :
دخلت على ابن عبد الله بن عباس ، وعكرمة موثق على باب كنيف فقلت : تفعلون هذا بمولاكم؟
فقال : إن هذا يكذب على أبي (١).
ولم يكن حقده منصبا على أهل البيت فقط بل تعداه إلى عامة المسلمين حيث كان يرى أنهم كفار عدا الفرقة التي ينتسب إليها وهي الخوارج ، فعن خالد بن عمران قال : كنا في المغرب وعندنا عكرمة في وقت الموسم فقال : وددت أن بيدي حربة فأعترض بها من شهد الموسم يمينا وشمالا (٢). وما تقدم بخبر يعقوب الحضرمي عن جده قال : وقف عكرمة على باب المسجد فقال: ما فيه إلّا كافر.
ومن كان هذا شأنه في الكذب والعداء لأمير المؤمنين عليهالسلام كيف يمكن لروايته أن تصدّق أو أن تعارض النصوص المتواترة؟ وقد تلونا عليك أخي القارئ بعضا منها ؛ وفي هذه الأحاديث المتواترة ما اتفق الرجاليون والفقهاء والمفسرون على صحته ووثاقة رواته. وأما رواية ابن عباس ذلك ، فهي مروية بواسطة عكرمة ، وقد عرفت حاله في الكذب على مولاه. وأما ما روي عن ابن عبّاس من طريق سعيد بن جبير ، فلا يبعد وقوع تدليس في السند ، فبدلا من عكرمة وضعوا سعيد بن جبير ، ولو فرضنا عدم وجود تدليس ، فخبر الواحد لا يقاوم الأخبار الصحاح ، هذا مضافا إلى أن رواية سعيد بن جبير معارضة لرواية ابن مردويه عن ابن عباس المروية في الدر المنثور ، قال ابن عبّاس : شهدنا رسول الله تسعة أشهر يأتي كل يوم باب عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه عند وقت كل صلاة فيقول : السلام
__________________
(١) الأصول العامة للفقه المقارن ص ١٥٣ ، نقلا عن وفيات الأعيان ج ١ / ٣٢٠.
(٢) ميزان الاعتدال ج ٣ / ٩٥.